” فوزية ” الناجية من قبضة داعش تكافح من أجل توفير لقمة العيش

طفولة مجهولة بين الاستعباد الجنسي ومخيمات النزوح

فوزية، الناجية الايزيدية التي وقعت بقبضة افراد تنظيم داعش، مع عائلتها المكونة من ستة أفراد بالكامل حين هاجموا قريتها “وردية”، جنوبي قضاء سنجار، على بعد 120 كيلومتراً غربي الموصل، منذ عام 2014

تجلس بإحدى زوايا خيمتها في مخيم خانك للنازحين بمحافظة دهوك والتي تم بنائها بشكل عشوائي وهي تنظر بحسرة إلى كل ما تبقي لها من ذكريات بصور ورقية لوالديها وتقول ” كنا عائلة مكونة من ستة أفراد ونعيش في بيتنا الطيني المتواضع، لم أكن اتجاوز التسع سنوات حين تم اختطافي، حينها ما زلت لا افهم شيئًا في الحياة غير اللهو مع أطفال القرية”

تواصل الناجية الحديث وتقول ” ما أن القوا القبض علينا حتى تم نقلنا إلى إحدى المدارس في مدينة تلعفر، غرب مدينة الموصل والتي تبعد عنها بحوالي 70 كم، قضينا 15 يوماً اثناء ذلك لم أكن أرى غير محاولات الأمهات واطفالهن بالتوسل لأفراد داعش لإطلاق سراحنا ولكن دون جدوى. لاحقًا تم فصل الرجال عن النساء والأطفال وبدأوا باختيار الفتيات اللواتي يصلحنّ للزواج لهم وقاموا بأخذهن كسبايا لهم“.

كانت قطرات دموعها تسقط على خدها المتعب كحبات المطر من هول ما لحق بها من انتهاك لطفولتها وما تعيشه اليوم من سوء الحال في المخيم مع غياب الدعم الإنساني وظروف النساء المتدنية هناك. كانت تحاول إخفاء دموعها فبدأت بمسحها على الفور كمحاولة غير مجدية للصراع مع واقعها المؤلم.

حين وصلت فوزية، في صيف نيسان 2015 الى المدرسة التي اتخذها التنظيم كمعقل لاحتجاز النساء والأطفال كانت ما تزال مع بقية اشقائها. حينها اقتاداها اثنان من افراد التنظيم الى غرفة أخرى بعيدا عن اشقائها وقالت ” ما ان دخلت حتى وجدت امامي رجل اسمر ذو شعر طويل يلبس الزي الأفغاني كان جالسًا على عربة وعرف نفسه ب “أبو رضوان ” وقال لي لقد أصبحتِ ملكي، لم اعترض لأنني كنت صغيرة وذهبت معه

إلى بيته الواقع في حي الخضراء/ تلعفر، لم يكن بعيداً من المدرسة، عائلته مكونة من زوجته وولدين وبنتين، بدا على وجههم عدم الترحيب بوجودي معهم. واثناء ذلك صرخ أبو رضوان، في وجهي قائلاً ان مهمتي من الان تنظيف البيت والاهتمام به، وبعكسه لن يرحمني، وعليَ نسيان عائلتي“.

بقيت أسيرة للتنظيم قرابة ثلاث سنوات كانت تتم معاملتها بإذلال مع التعنيف المستمر من قبل زوجة الرجل الذي استعبدها في غرفة صغيرة تحوي نافدة علوية يتسلل منها ضوء الشمس بصعوبة كما وصفت الشابة الناجية. 

فرض تنظيم داعش على النساء الايزيديات اتباع قوانين الإسلام كالحجاب والصلاة والصوم وقبلت معظمهن مٌجبرات لاعتقادهن ان في ذلك فرصة لرؤية عوائلهن مجددًا. 

معركة تلعفر

بعد اعلان القوات العراقية قرب موعد أنطلاق عملية تحرير تلعفر في آب2017 ابلغ مقاتلي داعش، عوائلهم بالخروج من المدينة والتوجه إلى الأراضي السورية ودخول المناطق التي تسيطر عليها داعش، عائلة ” أبو رضوان ” كانت من بينهم ونجحوا بعبور الحدود والوصول إلى أطراف مدينة دير الزور شرق سوريا.

لم تكن العملية العسكرية ذا فائدة تذكر لفوزية التي عانت بفقدان الأمل بالوصول إلى عائلتها نظراً لإصرار العائلة التي استعبدتها الاحتفاظ بها حتى مع خروجهم من المدينة.

رحلة الهروب من سوريا

بعد وصول فوزية إلى سوريا تم بيعها كعبدة ستة مرات وهي لم تتجاوز الثانية عشر عاما، قالت “لم أكن أعرف معنى الزواج، حاولت الهروب لكنهم كانوا يلقون القبض عليّ، وفي اخدى الأيام تمكنت من الهرب إلى أن وصلت إلى إحدى العوائل التي تسترت عليّ لشهور في مخيم الهول لحين تحرري في أكتوبر 2017″.

حياة ما بعد التحرير

وجدت فوزية بعد تحريرها وهي ما تزال طفلة ملزمة بإعالة شقيقيها الناجين من قبضة داعش ومازال مصير شقيقها الأكبر ووالديها مجهول. لم تكن الاشهر الأولى سهلة عليها خاصة وأن أحد أشقائها يعاني من شلل في الدماغ وهو بحاجة للمعاينة الطبية الدورية.

لحسن الحظ تم قبولها للعمل في إحدى دور الأيتام القريبة من خيمتها في المطبخ بأجر يقدر بثلاثمائة ألف دينار عراقي شهرياً.

منذ سنوات تكافح فوزية من أجل اعالة شقيقيها وسط غياب الدعم الحكومي رغم إقرار البرلمان العراقي لقانون الناجيات الايزيديات الذي ما زال حبرًا على ورق تم تمريره داخل قبة البرلمان العراقي.

بحسب اخر إحصائية لمكتب انقاذ المختطفين الايزيديين التابع لحكومة إقليم كردستان العراق، كنتائج لجرائم بشعة اقترفته تنظيم داعش في العراق بحق الايزيديين، منذ 03-08-2014 فأن عدد الايتام نتيجة معركة داعش 2745 وكان عدد المختطفين 6417 بلغ عدد الاناث 3548 والذكور

 2869

ما الذي تحتاجه الناجيات من داعش

  تشير الناشطة المدنية والعاملة مع منظمة جسرنا، بصفة مدربة يوغا نيهاد سليمان ان ” رعاية الناجيات يقع على عاتق الحكومة مع ضرورة توفير أبسط متطلبات العيش لهم. كما ان النازحين بحاجة الى الدعم المادي والمعنوي والتنسيق مع المنظمات الدولية بهدف توفير أرضية مناسبة كي يغادروا البلاد وتتكفل دول أخرى برعايتهم بعد فشل الدولة العراقية بحمايتهم وتحمل مسؤوليتها تجاهها وتجاه جميع الناجين والناجيات من داعش“.

 فيما تتساءل نيهاد، هل يعقل أن تتحمل طفلة مثل فوزية، ومثيلاتها من الناجيات مسؤولية من تبقى من عائلتها؟ 

بلغ عدد الايزيديين في العراق قبل اجتياح تنظيم داعش لمناطقهم في آب/ 2014 بنحو 550,000 نسمة وفي الوقت الحالي يبلغ عدد النازحين الايزيديين الموجودين حالياً في مخيمات إقليم كردستان135.860 نازح. أما عدد النازحين الموجودين في المناطق المتفرقة في الإقليم فيبلغ 189.337 نازح وعدد الذين هاجروا الى خارج البلد بأكثر من (100.000) شخص بحسب اخر تحديث لمكتب إنقاذ المختطفين الإيزيديين من مصادرها المعتمدة والتي صدرت بتاريخ 28-7-2022.  

VIAشهاب آل سمير