بينما تمر الذكرى القاتمة لأولى حالات كورونا في البلاد، يشهد العراقيون بقلق صعود موجة مميتة جديدة. بالنسبة لمعظم الناس، يمثّل الفيروس تهديدًا، ولكن ما يزال عجز الحكومة عن معالجة الوباء أكثر إثارة للقلق. العجز الحكومي في العراق كان خلاقاً في كثير من الأحيان لسلاسل لا تنتهي من الاختلالات والانقسام، ومع ذلك، فإن فيروس كورونا قد أحيا المبادرات الإنسانية ومشاهد التضامن بلسان حال عراقي يقول: بعد كل ليل تشرق الشمس.

منذ أن تسبب الوباء في ركوع المؤسسات العراقية، تشرف محية أدهم يوسف على توزيع السلال الغذائية على العائلات الفقيرة والمحتاجة في منطقة القادسية في الموصل. “بمجرد انتشار الوباء، وإعلان حظر التجول، بدأت في توزيع مبالغ من المال وسلال غذائية (حصلت عليها من التبرعات) للأسر الفقيرة والمحتاجة، وخاصة للمطلقات أو الأرامل وأطفالهن”. 

أم عماد مواطنة عراقية ليست ثرية، لكنها تمتلك روحاً مثابرة أكثر من معظم مكتوفي الأيدي من الميسورين والأثرياء في البلاد. قررت هذه المرأة الصامدة من حي التحرير شرق الموصل، التي أثارتها ظروف الحياة، بدء عمل تجاري صغير، وتوظيف الأرامل والمطلقات بعد تحرير المدينة من داعش في أواخر عام (٢٠١٧).  أم عماد لم تستسلم للقدر على الرغم من تتابع المآسي في حياتها؛ فقد انتحر ابنها (أمير) في سنة (٢٠٠٦)، و كان يبلغ من العمر (١٧ عاماً). تحدثت أم عماد لـ (الخط الأحمر) عن تلك المأساة قائلة: “مجتمعنا المنغلق وعدم محاولتنا التقرب إليه أنا ووالده دفعته لحرق نفسه أمام أعيننا”. حاولت أم عماد التغلب على ألمها لسنوات حتى احتل تنظيم داعش الإرهابي مدينة الموصل لتُصدم بمأساة مقتل ابنها الآخر (يقين) بنيران الإرهابيين، لكنها لم تستلم بخلاف كل شيء حولها.

وبالفعل، بعد مقتل يقين، وجدت أم عماد طاقة كافية لفتح مطبخ صغير يقدّم الطعام الموصللي. في مشروعها الصغير، عملت حوالي (٢٠ امرأة) من الموصل جنباً إلى جنب لكسب العيش الكريم، لكن انتشار وباء كورونا حال دون استمرار هذا النشاط.

قدم مشروع أم عماد الصغير أجراً يزيد عن (٣٠ دولاراً) في اليوم للنسوة العاملات، لكن الجائحة وضعت حداً لتلك المبادرة، حيث توقف المشروع عن العمل بعد فرض حظر التجول في (١٧ آذار ٢٠٢٠). في ذلك الوقت، توقف الموظفون عن الذهاب إلى وظائفهم ولم يعتمدوا على المطاعم أو توصيل الطعام كما كان من قبل. وهكذا تعطل مشروع أم عماد.

أم عماد  الحريصة على الانشغال، بدأت بجمع الأموال لمساعدة الأسر المحتاجة المتضررة من العواقب الاقتصادية المرتبطة بانتشار الوباء. تصف أم عماد مدى انشغالها قائلة: “كنت أخرج كل يوم عند الفجر وأعود إلى المنزل قبل غروب الشمس”. مضيفة  “لم أجد أي مسؤول حكومي يحاول تقديم المساعدة لأهالي هذه المدينة الحزينة”.

نينوى تحت عتبة الفقر

مع فرض إجراءات العزل وغيرها من الإجراءات المقيدة اقتصادياً في جميع أنحاء العراق لكبح الوباء، ازداد الفقر والبطالة بشكل حاد في محافظة نينوى. قبل انتشار الوباء، أظهرت الإحصائيات الرسمية لوزارة التخطيط العراقية حول انتشار الفقر والبطالة في عام (٢٠١٩)، أن أكثر من (١١٢ ألف) شخص كانوا يعيشون تحت خط الفقر في محافظة نينوى نفسها، لكن الأمور كانت على وشك أن تزداد سوءاً تحت ظل حظر التجول المستمر.

 وسط المحنة المتزايدة للفئات الأكثر فقراً، كان التضامن هو الدعم الوحيد المتاح. مشروع أم عماد أنقذ العديد من الأسر الفقيرة خاصة تلك التي تعيلها نساء. 

أم نور، وهي أرملة وأم لستة فتيات قُتل زوجها على يد إرهابيي داعش خلال معارك تحرير المدينة، تحدثت عن عملها: “مشروع أم عماد وفّر لنا دخلاً. لقد مكنّنا من العيش أنا وبناتي الست، ولولاها كدنا نموت جوعاً، أمضينا وقتاً طويلاً من الزمن بلا طعام بعد الحرب مع إرهاب داعش، كنا نحاول تقليص وجباتنا لهذا نصوم اليوم بأكمله؛ بهدف العبادة وتقليل وجبات الطعام، وتناول وجبة واحدة وهي طعام الإفطار، حتى عرضت عليّ ام عماد العمل معها في مشغلها”.

 الحال يعود إلى ما كان عليه بعد انتشار وباء كورونا، تقول أم نور: “مع انتشار الوباء وتوقف مشغل أم عماد عدنا لذات الفقر، أنا الآن مطالبة بمبلغ بدل إيجار متراكم على مدى (٤ أشهر) مضت، أحياناً أجد من يساعدني ويدفع لي جزءً من الإيجار وفي أحيان أخرى يتحملني صاحب الإيجار ويصبر على عوزي وضعفي”.

أم عماد لم تنسَ احتياج العاملات لديها، تقول أم نور: إن “هذه السيدة متى ما حصلت على مبلغ مالي أو سلة غذائية تجيء لي بها انا وبناتي؛ لأنها تعلم بحالنا الصعب”.

لم تكُن أم عماد وحدها من بادر لمساعدة المحتاجين في أزمة الموصل، تقول الناشطة سرور الحسيني لـ (الخط الأحمر): إن “الفرق التطوعية وحتى المتطوعين بجهودٍ فردية اعتادوا تقديم العون مع كل أزمة نجد فيها ان الحكومة المحلية غير مبالية بأمر الأسر المحتاجة والفقيرة، ها نحن نتكاتف من جديد ونقف على أوجاعنا، لكن هذه المرة لمواجهة الوباء لا الإرهاب”.

سرور اعتادت الذهاب كل يوم إلى المستشفى لتقديم المساعدة لمرضى كورونا هناك، واختارت الدراجة الهوائية وسيلة لتنقلها في ظل حظر التجوال، تقول: إن “الأهالي هنا في بادئ الأمر فوجئوا من ركوبي دراجة هوائية؛ كوني فتاة تعيش في بيئة منغلقة على ذاتها كبيئة الموصل، لكنهم سرعان ما تقبلوني خاصة لأنهم عرفوا أنني متطوعة في المستشفى لمساعدة الأطباء في إسعاف مرضى الوباء”.

مُنحٌ على ورق

تعيش فاطمة وأطفالها على ما تتلقاه من معونة الِفرق المتطوعة لمتضرري أزمة الوباء، لهذه السيدة ثلاثة أبناء أصغرهم مصاب بإعاقة ولادية، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما يعمل أكبرهم والبالغ من العمر (١٥ عاماً) جابياً في إحدى حافلات نقل الركاب بين مناطق العاصمة بغداد، فضلاً عن ابنة وسطى.

 فاطمة (٣٥ عاماً) تقول لـ (الخط الأحمر): “استشهد زوجي في عمليات تحرير الموصل، وكان منتمياً لفصائل الحشد الشعبي العراقي، لم يتم تعويضنا براتبٍ لشهداء الإرهاب، ولا حتى تعويض ابني المعاق براتب الرعاية الاجتماعية، ابني الأكبر كان يعمل جابياً في حافلات نقل الركاب، ويحصل على ما يقارب الـ (٨ $) بشكل يومي، ولا يكفي لسدّ مبلغ الإيجار الشهري لسكننا، ولكننا كنا نتدبر أمرنا بشكل جيد”.

بعد انتشار الوباء توقف عبد الرحمن بن فاطمة عن عمله هذا، بسبب حظر التجوال، ما جعل الأسرة تعيش على ما يمكن استحصاله من تبرعاتٍ ومساعدات تقدمها الفرق التطوعية.

نسبة الفقر في مجمل العراق وبعد انتشار الوباء ارتفعت إلى ( ٣١.٧%) بحسب ما أعلنه وزير التخطيط العراقي خالد بتال نجم، والذي قال: إن “تداعيات الفيروس تسببت بإضافة (١.٤ مليون عراقي) إلى إجمالي أعداد الفقر التي كان يبلغ عددها (١٠ ملايين شخص)، حيث أعلن عن تعداد السكان في العراق الذي بلغ (٤٠ مليون) نسمة لعام (٢٠٢٠)”.

وبحسب الإحصاءات التي أعلنت عنها الوزارة بلغ عدد الفقراء في العراق (١١ مليون و٤٠٠ ألف فرد) بعد أزمة الوباء، ولا تزال الأسر الفقيرة في تزايد مستمر. و بيد أن الحكومة غير قادرة على إيجاد حلول ملموسة فيما يتعلق بتقديم مساعدة خاصة للأسر الفقيرة تتعلق بفترة أزمة الوباء.

في بداية تفشي الوباء بالعراق، أدلت الحكومة بتصريحات متضاربة، حيث أعلن مستشار الحكومة الانتقالية آنذاك، عبد الحسين الهنين، إطلاق صندوق مالي للعائلات العراقية بقيمة (١٥٠ ألف دينار عراقي) ما يعادل (١٢٥ دولار أمريكي). في ذلك الوقت، لكل مواطن شهرياً، لكن هذه المنح لم توزع أبدًا. بالإضافة إلى ذلك، أعلن وزير التخطيط السابق، صباح الدليمي، في نيسان/ أبريل الماضي، عن خطة أخرى لتوزيع حوالي (٣٠ ألف دينار) بما يعادل (٢٥ دولاراً) على جميع الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر والبالغ عددهم (١٠ ملايين) شخص.

وظهرت بعد ذلك إعلانات رسمية أخرى، زعمت أن قيمة المنحة بلغت (٣٠٠ مليار دينار) وتقابلها (٢٥٠ مليون دولار)، توزّع بواقع (٣٠ ألف دينار) (٢٥ دولاراً) للفرد. تم الإعلان لاحقًا عن مشاركة المبلغ لكل أسرة وليس لكل شخص، بما يصل إلى (١٥٠ ألف دينار) (١٢٥ دولارًا في ذلك الوقت) لكل عائلة مكونة من (٥ أفراد) أو أكثر. في المقابل، قوبلت فوضى الحكومة بانتقادات واسعة النطاق، بل سخر منها النشطاء والصحفيون في جميع أنحاء البلاد.

عندما تولى منصبه في (7 آيار/ مايو ٢٠٢٠)، قام وزير التخطيط الجديد السيد خالد بتال نجم بإخافة العديد من العراقيين بتصريح دعا فيه إلى رفع الإجراءات الصحية لتحفيز الاقتصاد؛ بسبب ارتفاع حالات الفقر وعجز منظومة الدولة عن توفير حلول مالية، ما قد يدفع الدولة لرفع قرار حظر التجوال بشكل نهائي وارجاع الحياة إلى طبيعتها تلافياً للوقوع بأزمات اقتصادية أكبر، لكن هذا القرار وضع آلاف العراقيين في خطر التلوث من أجل نتائج اقتصادية.

  الفرق التطوعية

 في كل مرحلةٍ جديدة يواجه فيها العراق أزماته، لا تبدي الحكومات أي حلولٍ ملموسة، بينما تترك صفة تضافر الجهود وحل الازمات لدى مواطنيها، متخذة مبدأ (الفزعة والمروءة) كحلٍ للأزمات المواجهة.

مصطفى الشاعر، ناشط ومؤسس إحدى الفرق التطوعية،  تحدث عن مستوى الفقر والضيق في العراق وأوضح في حديث لـ (الخط الأحمر) أن “أزمة كورونا أظهرت لنا مدى الفقر في العراق، فالكثيرون لم يتمكنوا من تأمين قوتهم اليومي، وخاصة العمال من ذوي الأجور اليومية  الذين لم يتمكنوا من العثور على عمل، بسبب فرض حظر التجول”.

 وبحسب الشاعر فإن “السبب الرئيس بعدم التزام المواطنين بقرارات خلية الأزمة ووزارة الصحة هو الفقر والجوع الذي يواجهونه، فإن التزموا ماتوا جوعاً”.

أغلب المناطق الشعبية في العاصمة بغداد لم تلتزم بقرارات حظر التجوال. يقول الشاعر: “التزمنا كفريق، إضافة إلى وجود عشرات الفرق التطوعية بتوفير سلال الغذاء للمناطق الفقيرة من العاصمة، وفتحنا باب التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير متطلبات الناس، لا يمكن ان أقول أننا وصلنا للجميع. هنالك من انقلبت حياتهم جحيماً بسبب الوباء، لكننا حاولنا تقديم ما نستطيع تقديمه بشكل جدي وعمل دؤوب، وابتعدنا عن أساليب التسويق والتصوير؛ لأن عملنا كان بغية خدمة الناس لا إذلالهم”.

لم يكتفِ سكان العاصمة العراقية بالتعبير عن التضامن فيما بينهم من خلال توفير الغذاء للأسر الفقيرة، ولكنهم قدموا أيضاً الأدوية وقناني الأوكسجين. قطعت منظمة تضامن أشواطاً لتقديم المساعدة الطبية لمرضى كوفيد – ١٩. عندما كانت المستشفيات مليئة بالمصابين.

لم يتعاون أبناء العاصمة فيما بينهم على توفير الأطعمة للعوائل الفقيرة فحسب، بل كانت هنالك فرق تطوعية أخرى تعمل على توفير الأدوية وقناني الأوكسجين وتقوم بإسعاف المصابين بالفيروس، في وقتٍ لم يعد باستطاعة المستشفيات استقبال المصابين بالوباء، ومن بين أبرز هذه الفرق فريق تنفس للعمل التطوعي، يقول أنمار علي أحد المتطوعين في الفريق، والمسؤول عن منطقتي الشعلة والرحمانية في العاصمة بغداد: “بعد أن لاحظنا شحة بقناني الأوكسجين في بغداد واستغلال بعض أصحاب مذاخر الادوية والصيدليات لحاجة الناس للكمامات وأجهزة قياس الأوكسجين وقناني الأوكسجين وأسعارها، وبيعها للناس بمبالغ مالية مضاعفة، قررنا تشكيل فريق تطوعي لتوفير ما يمكن توفيره، فضلاً عن إسعاف المصابين ومتابعتهم لحين تجاوزهم الاصابة وشفائهم”.

فريق (تنفّس) يتجول في كافة أنحاء العاصمة بشكل يومي معلناً عن خدماته، وهو يشكل فرقاً مصغرة موزعة على مناطق العاصمة، ويقوم بإسعاف المواطنين حتى شفائهم التام، فضلاً عن منحهم دافعاً إيجابياً لتجاوز الأزمة.

استمرار الأزمة

ومع  فرض حجر صحي جزئي في جميع أنحاء البلاد، تتجه الأنظار نحو وزارة الصحة وجهودها لمواجهة الأزمة. لجنة الصحة والبيئة النيابية أعلنت ومن خلال رئيسها قتيبة الجبوري عن “متابعتها الصارمة لعمل وزارة الصحة العراقية بشأن أزمة الوباء”. مؤكداً أننا “نحاول عدم الوصول إلى ما آلت إليه الحالات في دول صديقة ومجاورة، حيث عاد الوباء على الانتشار بموجات ثانية وثالثة، ما أدى إلى إرجاع إغلاق كافة مرافق الحياة في تلك المدن”.

وشدد الجبوري على أن “اللجنة تسعى لتخصيص الميزانية المالية بشكل كاف للحد من انتشار الوباء، وعلى الرغم من أوجه القصور في المجالات الاقتصادية والمالية، إلا أن وزارة الصحة حققت إنجازات طبية استراتيجية جديرة بالذكر، خاصة في في ضوء بنية تحتية طبية ضعيفة”.

كما أشار الجبوري إلى أنه “سيتم اتخاذ المزيد من الإجراءات للتعامل مع الأزمة. وتشمل هذه إضافة أكثر من (١٢٠٠٠ سرير) إلى نظام سعة المستشفيات العراقية. في المستقبل، سيتم توفير (٤٠٠٠ جهاز تنفس) إضافي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لزيادة معامل الأوكسجين وتوفير إمدادات طبية عالية الجودة لمواجهة الوباء.

وفقًا للسيد الجبوري، تخطط الحكومة أيضاً “زيادة الطاقة التشخيصية لأكثر من (٣٠ ألف فحص) يومي، بعد أن تم إدخال أكثر من (٦٠ مختبراً) متخصصاً مع أجهزة متخصصة لم يُتَح لبلدان كثيرة استخدامها في بداية انتشار الجائحة، مع زيادة أعداد أجهزة الفحص المستخدمة في تشخيص الحالات المتوسطة والمتقدمة للمرض”.

كما وأعلن الجبوري عن احصائيات وفيات وشفاء الأفراد من الوباء طيلة الفترة الماضية وحتى (نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠٢٠) قائلاً: إن “نسبة الشفاء من كورونا وصلت إلى ما يقارب من (٨٨٪)، بينما كانت نسبة الوفيات منخفضة وهي أقل من (٢.٢٪‎) بما فيها نسبة وفيات إقليم كوردستان، وهو منجز ضخم إذا ما قِيسَ بما تواجهه بلدان متقدمة في مواجهة هذا الوباء”.

بينما لا تزال اللجنة مشددة على إيقاف الدوام الرسمي بالنسبة للمدارس خاصة مع انطلاق العام الدراسي الجديد وتقليصه إلى يوم واحد في الاسبوع بدلاً من الأسبوع بأكمله، شرط ان يكون عدد الحاضرين بنسبة (٥٠٪)؛ بغية تجنب انتشار الوباء، إضافة إلى خضوع الكوادر التدريسية والطلبة لفحوصات دورية مستمرة للتأكد من سلامتهم”.

حلول معلقة

لا تزال أزمة كورونا تنتشر عالمياً، وسيبقى الأمر كذلك حتى يتم توزيع لقاح فعال. في غضون ذلك، بينما تتكيء حلول الدولة العراقية إلى وهم من دون تطبيق، مع فرض حظر التجوال الجزئي في العراق، والذي من المحتمل ان يُلغى في حال انهيار الواقع الاقتصادي، وعجز الدولة عن تقديم المنح المالية للمواطنين الذين توقفت أعمالهم وعجزوا عن توفير قوت يومهم.

في الوقت نفسه، لم تضع وزارة التخطيط العراقية خططها المستقبلية لمواجهة الأزمة، ولم تشرع في مسح سكاني لتقدير عدد الأسر الفقيرة بشكل حقيقي، ولم تتوصل إلى خطة للقضاء على الفقر.

ويبدو أن العراق عالق بين أزمتين، إحداهما صحية والأخرى اقتصادية. إذا توجهت أحدهما الى الحل، تتدهور الآخرى. تفاقمت الأزمة الاقتصادية في العراق لدرجة أنها أثّرت على موظفي الدولة. فالعجز بالميزانية الحكومية  أثّر على دفع رواتب موظفي الدولة. كما وأعلن رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي نفسه أن العجز الاقتصادي قد أدى إلى مزيد من التخفيضات في الرواتب.

 وقد يكون الأسلوب المناسب للنظر في الأمر هو اعتبار أن الأزمة الوحيدة الموجودة هي أزمة مؤسسات الدولة نفسها. في جميع أنحاء العالم، هناك العديد من الأمثلة على الحكومات التي تمكنت من معالجة الوباء بكفاءة من خلال تنفيذ تدابير فعالة، لكن الحال لم يكن كذلك في العراق.

VIAزينب المشاط