أدى  رفع الحصار المفروض على العراق سنة ٢٠٠٣ إلى انتعاش نسبي في السوق المحلية وانتشار غير مدروس للعديد من المعامل الخاصة واطئة الكلفة، والتي تشغل من خلال حرق النفط الأسود في الهواء الطلق مثل معامل الطابوق. ويتركز وجود هذه المعامل في مناطق جنوب العراق بشكل خاص بسبب قلة المراقبة الحكومية وازدياد نفوذ المليشيات والعشائر المسلحة.

محافظة ميسان المعروفة بصبغتها العشائرية تقع اليوم ضحية لهذه الصبغة. الأعراف الفضفاضة التي يفسرها شيوخ هذه العشائر مكنتهم من بسط سلطة رمزية ومادية في كل أرجاء المحافظة. هذه السلطة أدت إلى انفلات أمني في المحافظة وفساد إداري، وظاهرة إفلات من العقاب اعتادت عوائل بعض شيوخ هذه العشائر عليها. توزع مناطق محافظة ميسان جنوب العراق -خصوصا خارج مركز المحافظة- حسب الانتماء العشائري بشكل ديموغرافي. وتبسط تلك العشائر نفوذ مهيمن بصورة كبيرة على الرقعة التي تشغلها. ومن عشائر بني لام، والبهادل، وبني كعب، والساعدي، و الزيداوي، والبومحمد… الخ وغيرها من التي تتمتع بقوة على المستويين المادي والبشري. ونجحت بعض هذه العشائر بإيصال أفرادها المخلصين لمجلس النواب عن طريق دعمهم باصوات افراد العشيرة الآخرين. مما أتاح أبناء تلك العشائر إنشاء المعامل في الرقعة الجغرافية التي تبسط نفوذها عليها. 

هذا الإفلات من العقاب تجلى في حالة انتشار هذه المعامل واطئة الكلفة وعالية الإنتاج. وقد اضافت حالة عدم الاستقرار، بعد الغزو الأمريكي للعراق سنة ٢٠٠٣، عامل الميليشيات المسلحة الى الازمة. استثمرت هذه الميليشيات الناشئة بكثرة في مشاريع البناء ابتداء من سنة ٢٠٠٩,بحسب ضابط في الأمن الوطني رفض الكشف عن اسمه. وتابع المصدر حديثه مستعرضا نوع الحوادث التي تعرضت لها القوات الأمنية في محاولاتها لمكافحة هذه الخروقات في حديثه للخط الأحمر : “يتعرض عناصرنا للتهديد بشكل مستمر”. وفي بعض الأحيان تتعرض القوات الامنية في المحافظة لملاحقة عشائرية أشبه بتلك التي نشاهدها في أفلام المافيا. حيث يضطر بعض أفراد القوات الامنية لدفع غرامات عشائرية وفي بعض الأحيان النزوح داخليا تحت تهديد السلاح بحسب الضابط في الأمن الوطني. ويعتبر المصدر اختيار وزير الداخلية مفتاح هذه الأزمة; على اعتبار أن الوزارة “حصة دائمة لميليشيا منظمة بدر التي كانت ترعى ولادة الميليشيات المحلية الاخرى بحكم قدم تجربة أفرادها التي تمتد الى بداية الحرب العراقية الإيرانية سنة ١٩٨١.”

يعتبر جنوب العراق موطن للميليشيات المسلحة الشيعية التي تأسست بعد سنة ٢٠٠٣. وتسيطر ميليشيات (عصائب اهل الحق) و (كتائب حزب الله) على معظم هذه المشاريع في محافظة ميسان. هذه الميليشيات تدربت على في إيران ولبنان وسوريا واليمن على إنشاء مشاريع اقتصادية ضخمة للمحافظة على زخم عملياتها. وبحسب ضابط رفيع المستوى في جهاز المخابرات العراقي, تحدث إلى الخط الأحمر شرط عدم الكشف عن هويته، “يتجاوز حجم تجارة هذه الميليشيات مع الشركات الاجنبية في المشاريع النفطية المليار دولار بحسب تقارير داخلية تستخدم في تمويل أنشطة تخريبية في المنطقة “. مضيفا أن شركات النفطية لا تملك اجندات اخلاقية، ولا أمنية حتى، ولهذا هي شريك أساسي وفاعل في تمويل هذه الميليشيات وحالة عدم الاستقرار, صرح المصدر في جهاز المخابرات العراقي.

  جولة التراخيص النفطية التي اعتمدتها الدولة كاستراتيجية لرفع الإنتاج النفطي، رفعت الطلب على مواد مواد البناء الاولية لتطوير الحقول النفطية في جنوب العراق من قبل شركات عالمية بعقود خدمة طويلة الأمد. ونتيجة لزيادة الطلب على مواد البناء وأهمها الطابوق من جهة، واتساع رقعة مشاريع الشركات الاجنبية من جهة أخرى، ازدادت مخلفات المعامل الخاصة والشركات النفطية. حيث تطلق هذه المؤسسات العديد من الابخرة المحملة بالمكونات والمركبات المسرطنة التي جعلت الهواء الجوي في محيط هذه المعامل والشركات غير قابل للتنفس.

قرى منكوبة

يقدم أهالي القرى المحاذية لمواقع عمل المؤسسات المخالفة العديد من الشكاوى الى السلطات المحلية لكن من دون جدوى. قرية (ام شين) هي إحدى القرى الميسانية المنكوبة، والتي اعتكف باسم جمعة، أحد سكان القرية يبلغ من العمر 38 عاما، على تقديم العديد من المناشدات على صفحات التواصل الاجتماعي ليوصل صوت قريته الى اسماع الحكومة من أجل إنصافها. ابتليت قرية ام شين القرى المجاورة بكثرة الإصابات السرطانية الناتجة عن الانبعاثات الملوثة للهواء الجوي. ويؤكد باسم جمعة لـ الخط الأحمر، “نسمع بشكل يومي ذات الاخبار عن إصابات جديدة بالأمراض السرطانية بسبب الدخان الكثيف بسبب معامل الطابوق والاسفلت المنتشرة في منطقتنا”. ينظر باسم إلى الأرض ويتنهد قليلا ليقول، “فقدنا أخي الأكبر بعد إصابته بالسرطان، وتوفي بعمر 40 عام”. 

تبع “ام شين” مدينة العمارة اداريا التي تقع جنوب شرق العاصمة العراقية بغداد بحوالي 320 كم وهي ليست المنطقة الوحيدة التي تشكو إصابات سرطانية ولكنها واحدة من المناطق التي أحصيت فيها أكثر نسبة الإصابات في المحافظة. يعيش في قرية ام شين وفي القرى المجاورة لها مايقارب 400 شخص، ولكن في السنوات الأخيرة توفي منهم 61 شخص بسبب الأمراض السرطانية. 

هذا وقد ضم مجموعة من أبناء قرية (الابيجع) المنضوية لمنطقة فدك الزهراء أصواتهم الى صوت باسم في إطلاق مناشدتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكشف الكم الهائل من التلوث الهوائي في المنطقة. 

وتعتبر ميسان إحدى المحافظات الجنوبية الثلاث في العراق تحدها إيران من الشرق وتعد ثاني أكبر محافظة نفطية بعد البصرة انتاجا. 

التلوث الهوائي والحد منه

تلوث الهواء الجوي في الجنوب العراقي حالة مشخصة من قبل المعنيين والمهتمين بالجانب البيئي على المستوى الحكومي الرسمي. مدير بيئة ميسان، سمير عبود، وضح لـ الخط الأحمر، “الاعتبارات القياسية المعتمدة نتيجة زيادة المعامل الأهلية للطابوق والاسفلت والقير المؤكسد والمؤسسات النفطية أدت بمجموعها إلى تلوث الهواء المؤثر على الصحة العامة سواء داخل المدينة أو خارجها”. 

مضيفا، “ازدادت أعداد معامل الطابوق في ميسان لتصل الى ١٠٠٠ معمل من دون ادنى تخطيط لقيام هذه المعامل. بسبب توزيعها العشوائي، تحيط هذه المعامل بالمدن وتعمل اغلبها بمخالفات بيئية عن طريق استخدام النفط الأسود مما يجعل الرياح تنقل دخانها إلى المناطق السكنية”. 

الرقابة التي تفرضها مديرية البيئة في المحافظة لا تتعدى الأساليب التقليدية في الحد من ظاهرة تلوث الهواء كونها مؤسسة حكومية ولا تمتلك آليات علمية للحد من ارتفاع نسب التلوث. حيث يبين “عبود”، “إجراءات مديريتنا القانونية وصلت إلى حد فرض الغرامات على المؤسسات النفطية المخالفة وليس لدينا إجراء قانوني آخر. تفتقد مديرية البيئة في ميسان لوجود طريقة علمية وعملية لقياس ملوثات الهواء لكل نشاط لذا ليس من السهولة معرفة قياسات الانبعاثات الكربونية أو المحددات الملوثة في الهواء المحيط، بحسب عبود.

مدى الضرر

انعدام وجود قاعدة بيانات اضافة الى آليات تحليل الهواء المحيط لمعرفة نسب المكونات الطبيعية والمحددات الملوثة للهواء الجوي في المحافظات الجنوبية كانت ولا تزال إحدى معوقات البحوث العلمية الهادفة الى اقصاء هذه المعضلة. أستاذ التلوث البيئي في كلية العلوم جامعة ميسان، الدكتور صالح حسن، تحدث لــ الخط الأحمر عن ندرة الدراسات والبحوث في مجال تلوث الهواء بسبب افتقار الجامعة والمؤسسات الاخرى للأجهزة الحديثة المصحوب بقلة الإمكانيات المادية وانعدام الدعم”.  د.حسن، له رؤيته العلمية حول موضوع التلوث الهوائي: “غالبية الغازات الناتجة عن عمليات احتراق النفط والغاز تسبب السرطان”. وبينما يشير يشير بعض المختصين إلى انعدام وجود آليات تحليل الهواء والفقر المعرفي، يذهب محللون اخرون الى اسباب تمتد إلى قوانين الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة الحديثة فيه وصولا الى الغزو سنة ٢٠٠٣ وبعده.

يعزى سبب عدم وجود قاعدة البيانات السليمة إلى “خلل مؤسساتي”، بحسب أحد المدراء السابقين لمركز معالجة السرطان في محافظة البصرة, الذي تحدث إلى الخط الأحمر شرط عدم الكشف عن هويته. السلطات وعلى مراحل مختلف منذ اكتشاف النفط في العراق عملت على تدمير كل يمكن أن يعيق تدفق الذهب الأسود، تابع المصدر حديثه. فقد خطت الأنظمة المتتالية مجموعة من القوانين ضيقت على الباحثين والصحفيين الوصول الى المعلومة ،”لأن وصولها إلى عامة الناس يعني اغلاق تام وتعويضات لا تحصى قد تمتد الى اجيال” اضاف المصدر.

ويتعرض الصحافيون والعاملون في الإعلام للمساءلة في حال نشر معلومة تخصّ مؤسسة حكومية، و يضطرون أحيانا إلى تجنب مواضيع مهمة أو طرح معلومات حساسة بسبب عدم دعمها بأدلة ليس من المستحيل الحصول عليها، بل لامتناع الجهات ذات العلاقة عن تسهيل مهمتهم في الحصول عليها، بحسب وسائل إعلام.

وقالت ذكرى سرسم التي تساهم في إعداد مشروع القانون في حديثها لشبكة الصحفيين الدوليين “تكمن أهمية المعلومة في دعمها للشفافية والتقليل من الفساد وتشديد الرقابة الشعبية من خلال مكاشفة الجمهور بالحقائق والمعلومات الموثقة ومعالجة مكامن الخلل في عمل المؤسسات الحكومية، لذلك هناك ورش تدريبية للصحافيين ومناصرين و بشراكة مع مؤسسة الإعلام الدولي”.

تحذير متكرر

جولة التراخيص النفطية وتداعياتها بدأت بالتأثير سلبا على الواقع البيئي العراقي, خصوصا في جنوب العراق، منذ سنة ٢٠٠٨. حيث نقلت جريدة المدى، في عددها  المرقم ٢٢٥٧ الصادر بتاريخ ٢٣ ايلول ٢٠١١، تحذير مسؤول لجنة الصحة في مجلس محافظة ميسان السابق ميثم الفرطوسي من كارثة بيئية في حال لم يتدارك تردي الواقع البيئي في المحافظة على حد وصفه.  مبينا “ثاني الملوثات خطورة هي الغازات السامة والأدخنة المتصاعدة من معامل الطابوق التقليدية”. هذه التحذيرات تكررت على مراحل مختلفة في السنوات اللاحقة، بحسب مديريات البيئة والصحة في محافظة ميسان. 

وبسبب عدم وجود الاهتمام الكافي من قبل الحكومة المركزية، سعت مديرية بيئة ميسان لجمع بيانات علمية عن واقع التلوث بصورة عامة، بالتعاون مع جامعة ميسان، من أجل تشخيص أسباب التلوث وإيجاد حلول واقعية. حيث أعلنت كلية العلوم في جامعة ميسان في منتصف شهر تموز من العام الماضي عن توقيع مذكرة تفاهم بينها وبين مديرية بيئة المحافظة تضمنت اطر التعاون في المجال البحثي التي تخص الطرفين والاستفادة من خبرة الباحثين والاساتذة لحل المشكلة التي تواجه المحافظة.

وعلى الرغم من ندرة البحوث العلمية الخاصة بموضوع تلوث الهواء الجوي في الجنوب الا ان الخط الاحمر، استطاع بعد البحث والتقصي المستمرين من العثور على واحدة من اندر البحوث التي أجريت حول الموضوع. حيث قدمت الباحثة، هدى عادل البطاط، عام 2013 ببحث علمي بعنوان “تقدير ملوثات الهواء المنبعثة عن صناعة الطابوق جنوب محافظة مٌيسان”.  وكشف البحث عن وجود كميات كبيرة من الكربون الاسود في هواء قرية (الطبر) في ميسان والذي ينتج من الحرق غير التام للنفط الأسود في معامل الطابوق المنتشرة في المنطقة. بالإضافة إلى “وجود تراكيز عالية من ملوثات الهواء الغازية (Co, NOx, So2, H2S ) والهيدروكربونات والمركبات العضوية الضارة في هواء المنطقة بالمقارنة مع المستويات المتفق عليها عالميا في اتفاقية باريس للمناخ. حيث وقع العراق سنة ٢٠١٥ على عدة التزامات للحفاظ على البيئة.

حركة الرياح وسرعتها دور كبير، بحسب البطاط، فهي تشتت الملوثات وتنقلها الى مسافات بعيدة عن مصادرها وبالتالي اتساع رقعة التلوث. لم تكن الملوثات لها تأثيرها في الهواء الجوي فقط بل انتقلت الى الكائنات الحية الأخرى مثل المحاصيل الزراعية والحيوانات الداجنة مما يرسخ المواد السامة في أعضاء مختلفة من جسم الإنسان حسب استهلاكه لهذه المنتجات كما بينت البطاط في دراستها. كما بين البحث احتواء تربة ونباتات المنطقة المدروسة تراكيز عالية من الهيدروكربونات. كما تأثر محتوى الكلوروفيل في الأوراق النباتية مع زيادة حالة التلوث”.

وتحدث اخصائي التغذية، د.حسن فيصل، للخط الأحمر مبينا أن الملوثات  التي تصل إلى الجهاز الهضمي تؤثر على أي خلية مهما كان موقعها في جسم الإنسان “لتحولها من خلايا طبيعية إلى خلايا مسرطنة”. 

لم تكن البطاط بمعزل عن المتاعب والمشاكل خلال عملها على انجاز بحثها فقد تعرضت للتهديد من قبل بعض ملاك معامل الطابوق والشركات الخاصة من أجل إبقاء مشاكل التلوث مخفيا عن الجميع. حيث بينت البطاط انها تعرضت الى تهديدات بالتصفية الجسدية خلال عملها في المنطقة من قبل عناصر ادعوا انتمائهم الى ميليشيا عصائب أهل الحق.

 احدى الحوادث كانت دفن سيارتها الخاصة باستخدام الية بلدوزر، اذ اضطرت البطاط لاصطحاب احد اخوتها في المرات اللاحقة لإنهاء البحث. هذه الحوادث رسخت مفاهيم العنف ضد العلم والخوف من نتائج البحث والتقصي ما يقلل فرص إنشاء قاعدة بيانات حقيقية يمكن للباحثين استخدامها في مكافحة التلوث حيث تبقى العلامة الوحيدة على انتشار التلوث هي انتشار السرطان والموت.

قلة المنظمات البيئية 

المنظمات المجتمعية العاملة في محافظة ميسان والفرق التطوعية والناشطين أكدوا بمجموعهم عدم وجود منظمة أو فريق يعتنى بالجانب البيئي ويعمل على الاهتمام بظاهرة التلوث في المحافظة. اخصائي التوثيق والناشط البيئي، احمد صالح نعمة، تحدث للخط الأحمر عن افتقار محافظة ميسان منظمة بيئية تشخص الواقع البيئي فيها، “لأن المنظمات البيئية في العراق قليلة جدا”. 

التلوث الهوائي لم يقتصر تأثيره على أبناء المحافظة بل تعداه ليصل مداه الى الأضرار بالتنوع الاحيائي خصوصا في مكون اهوار المحافظة. حيث تعاني اهوار ميسان وخصوصا اهوار الحويزة الشرقية “من كثرة اطلاق المواد الكربونية والغازات السامة المنبعثة من محطات عزل الغاز التابعة لشركة بترو جاينا الصينية العاملة في حقل الحلفاية النفطي في ناحية المشرح وقضاء الكحلاء”، بحسب نعمة.

مضيفا “وهذا يضر كثيرا التنوع الاحيائي والبايلوجي وبالتالي التسبب بضرر كبيرا جدا يتمثل بقتل الكثير من الحشرات التي تعد جزء من التوازن الطبيعي في منطقة الاهوار المدرجة على لائحة التراث العالمي”.

يرى المعنيون في الجانب البيئي خطورة المستقبل ما لم تتظافر الجهود على ايجاد الحلول والا “سيكون المستقبل كارثيا في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه بدون إجراءات فاعلة” بحسب سمير عبود رئيس قسم البيئة في المحافظة.

وقدمت مجموعة من أهالي ميسان مناشدات للمفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في المحافظة بشأن تأثر أبنائها بدخان المعامل القريبة ، وإصابة العديد منهم بالأمراض السرطانية وكان بعضهم فقدوا اقربائهم بسببها مطالبين بتدخل مباشر لإنهاء تلك المعاناة، بحسب مصدر من داخل المفوضية تحدث للخط الأحمر شريطة عدم الكشف عن إسمه. وتأتي تلك المناشدات الى جهة اممية بسبب النقص الواضح في منظمات المجتمع المدني المعنية بهذه الحالات من قبيل المنظمات المهتمة بالبيئة وغيرها ممن تقدم الرعاية وتسجل حالات مرضى السرطان.

يجدر بالذكر ان العراق احدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس للحد من انبعاثات الكربون سنة ٢٠١٥. حيث قامت الحكومة بالفعل بالتعاقد مع شركة توتال الفرنسية لإنشاء محطات طاقة توليد الكهرباء بالطاقة المستدامة والغاز الطبيعي في منطقة جنوب العراق. إلا أن مختصين رجحوا فشل هذه المشاريع بحل مشكلة تلوث الهواء في ميسان بسبب “انعدام البنى التحتية اللازمة لإقامة هذه المشاريع واعتماد الشركات الأجنبية على الشركات المحلية بتوريد بعض مواد البناء مما يعيد الأزمة إلى المربع الأول” بحسب مهندس بيئي في شركة نفط ميسان، تحدث للخط الأحمر شرط عدم الكشف عن هويته.

كانت ولاتزال منطقة جنوب العراق مسرحا مهما للاحداث التي غيرت تاريخ الشرق الاوسط. ابتداء من الاستعمار البريطاني للعراق سنة ١٩١٧ حين ركزت القوات البريطانية تواجدها في جنوب العراق بسبب المقاومة المستمرة، وصولا حروب الخليج الثلاثة التي كانت نيران عملياتها تستبيح البيوت والمستشفيات والمدارس. هذه العمليات العسكرية تسببت بطحن تام لكافة البنى التحتية على مدى ٤٠ سنة. انعدام الاستقرار ادى الى الاستخفاف بالحياة البشرية ومعها البيئة الحاضنة. المصدر في جهاز المخابرات العراقية أكد في نهاية حديثه على “أن كل أنواع الاستقرار، من بينها الحالة البيئية، تخضع رهن للاستقرار الأمني.”

VIAخورشيد دريد \ ئازاد حمه مارسيل