البصرة، ثاني أكبر مدينة عراقية تقع في أقصى جنوب الخارطة، ويسكنها قرابة 2.7 مليون نسمة بحسب الأرقام الرسمية، لكن الأمر في الواقع، العدد أكبر من ذلك نتيجة عدم الدقة في إجراءات المسح الميداني أو حتى عدم وجود نظام الحوكمة الالكتروني لضبط الأرقام، إضافة إلى ذلك، ساعدت عوامل الهجرة من مناطق وسط وجنوب العراق نحو محافظة البصرة، بتضخم العدد السكاني، الذي لا يندرج ضمن الإحصاء التابع للبصرة. ومن عوامل الهجرة باتجاه مدينة البصرة هو البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص، في قطاع الانشاءات أو الصناعات النفطية، إذ يوجد عدد كبير من الشركات النفطية وغير النفطية، الأجنبية والمحلية بمختلف المجالات والأعمال.

وعلى الرغم من وجود تلك الشركات النفطية والأخرى العاملة في مدينة البصرة، ألا أن ذلك لم يحد أو يقلل من نسب البطالة في البلد، فما زال يكافح العراقيون بحثًا عن فرص العمل سواء في القطاع العام أو الخاص من أجل حياة كريمة، إضافة لذلك، فهم بحاجة إلى خدمات صحية وتعليمية، وخدمية بالمستوى المطلوب، إلّا أن الفساد المتجذر في عموم البلاد حال دون تحقيق أدنى رعاية للمواطنين.

أموال بجيوب الفاسدين

ففي عام 2019، كانت عنوان “القضاء على الفساد” مطلبًا شعبيًا في الاحتجاجات المناهضة للفساد والسلطة، بعد أن انتشرت بقعة التظاهرات في عموم المدن العراقية، وخرج مئات الآلاف من العراقيين مطالبين بمكافحة الفساد وتغيير سلطة الأحزاب الحاكمة للبلاد منذ عام 2003، والتي أوصلت البلاد إلى منزلق حرج وخطير لا يحمد عقباه، حيث تهيمن جهات سياسية لها أذرع مسلحة خارج سيطرة الدولة، على قرارات سيادية مهمة في الدولة، وتتحكم بصورة علنية في الشأن الداخلي والخارجي للبلاد.

تنتج محافظة البصرة لوحدها من النفط الخام قرابة 2.7 مليون برميل يوميًا، هذا الرقم الكبير من الإنتاج النفطي لا يذهب إلى المواطنين العراقيين ولم يحصلوا منه سوى الأمراض السرطانية، نتيجة الانبعاثات الكيمياوية الصادرة من شعلات الغاز المنبعثة نتيجة استخراج النفط من باطن الأرض، في الحقول النفطية، التي تشغلّها عدد من الشركات الأجنبية والحكومية أيضا، فيما تذهب الأموال، إلى خزينة الدولة وجيوب الفاسدين، ليتحكم بها أصحاب النفوذ، الذي يتم كشفهم بين الحين والآخر متورطين بملفات فساد كبرى مساعدة شخصيات سياسية رسمية لسرقة المال العام.

في نفس السياق، هناك تستر واضح على ملف الأمراض السرطانية نتيجة عمليات استخراج النفط من الحقول النفطية في جنوب العراق، ومنها محافظة البصرة، حيث لا تصرح الجهات الحكومية والدوائر ذات العلاقة بهذه المواضيع، أو انها تقول ليس هناك أي علاقة بين الأمراض السرطانية وإنتاج النفط، فيما يؤكد مختصون وعلماء أن هناك ارتباط وثيق بين هذه الأمراض والغازات السامة الصادرة من المواقع النفطية، وهذا أيضا ما أكده مدير بيئة الجنوب في محافظة البصرة، الدكتور وليد الموسوي، حيث قال: “لقد طالبنا الحكومة المحلية وشركة نفط البصرة بتعويض العوائل نتيجة الضرر الذي لحق بهم من أمراض جراء الانبعاثات الهيدروكربونية، وقسم من الناس قد توفي بسببها”.

وأضاف الموسوي: “هناك تأثير مباشر بين زيادة الاطلاقات الهيدروكربونية التي تبعث من الشعلات النارية وزيادة حالات الإصابة بالأمراض السرطانية في المناطق القريبة من الإنتاج النفطي، ومنها منطقة نهران عمر، حيث زرنا المنطقة أكثر من مرة وشاهدنا بأعيننا هناك انتشار بقع نفطية زيتية حتى على المنازل والأراضي الزراعية، التي أدت إلى موت المزروعات في تلك المناطق”.

على ما يبدو، هناك تستر واضح على هذه الأمراض التي حصلت بسبب النشاط النفطي، وأن فتح هذا الملف الخطير قد يكشف تواطئ كبير من قبل الجهات الرقابية أو الحكومية ذات العلاقة بهذا القطاع، ولا ينحصر الأمر على محافظة البصرة، فهناك انبعاثات غازية أيضا في حقول محافظة كركوك وفي الموصل، وبيجي وغيرها من المناطق التي يتواجد فيها آبار النفط وحقول الغاز، لكنها أقل انبعاثات مما يحصل في مدن جنوب العراق، وعلى وجه الخصوص، البصرة.

مما سبق، يتضح ليس هناك التزام بالأرقام القياسية الدولية في نسب الانبعاثات الغازية التي يجب أن تلتزم بها مؤسسات الدولة النفطية وأيضا الشركات العامة والمستثمرة في قطاع النفط في العراق، مما ولّد هذا التسيب في ضبط هذه الانبعاثات إلى أمراض خطيرة على مستوى الأجيال منذ عقود، وهذا يؤثر بشكل واضح على طبيعة المناخ والصحة العامة وأيضا تسبب في ولادات مشوهة للأطفال،

“المرض يمشي معنا”

في منطقة نهران عمر، الواقعة في شمال غرب محافظة البصرة، يسكن المواطن رغد جاسم كريم، صاحب الـ 42 عامًا، وهو أحد المصابين بمرض السرطان بسبب عيشه في منطقة قريبة على واحد من أكبر الحقول النفطية في العراق. يكافح كريم من أجل الاستمرار في علاجه الكيمياوي لإصابته بسرطان القولون، التقيناه في منزله الذي يبعد بضعة أمتار على حقل نهران عمر النفطي، ويقول: “قبل حوالي عام من الآن، بدأت أشعر بتدهور حالتي الصحية شيء فشيء، قررت على أثر ذلك زيارة المستشفى لتشخيص المرض، الطبيب الأول أخبرني أنني أشكو من مشكلة في المعدة، لم اقتنع تمامًا بما قال لي، زرت طبيب آخر وهو مختص بالأورام السرطانية حيث بدأت أشعر هناك ورم في منطقة البطن، وفعلًا بعد إجراء كافة الفحوصات اللازمة، تبين إصابتي بسرطان القولون”.

للحصول على رعاية صحية أفضل، غادر كريم البلاد متجهًا إلى لبنان من أجل العلاج هناك، وعلى نفقته الخاصة دون أي يحصل على دعم مالي من جهة حكومية أو منظمات غير ربحية، وأجرى عدة عمليات هناك مبالغ كلفته آلاف الدولارات، اضافت عبًا آخر وتحمل تكاليف إضافية على حياته وحياة اسرته، تسببت له بأضرار نفسية لما عاناه هو وأسرته طوال فترة العلاج وحتى اليوم.

يقول كريم: “أصبحنا نخشى زيارة المريض حتى لا يقول لنا أنك مصاب بالسرطان. المرض يمشي معنا ويرافق الجميع، انا اعتقد أن كثير من أبناء منطقتي وحتى أقربائي انهم مصابون بالأمراض السرطانية لكنهم يخشون زيارة الطبيب حتى لا يسمعوا انهم مصابون، حقًا هذا صراع نفسي مع الذات يعيشه كل واحد فينا يوميًا”.

تحدث كريم إلينا وشعلات النفط واضحة وراءه، يقول: “أنا أقف هنا واحترق من داخلي وأنا أشاهد الدخان المتصاعد المليء بالغازات السامة التي سبب لي سرطان اعاني اضراره حتى اليوم. لقد توفي أخي أيضا بالسرطان عام 2007، وبعد وفاة أخي، توفي أبن عمي بالسرطان، وهنا في منطقتنا الأمراض لا تعد ولا تحصى، أستطيع أن أقوم أن السرطان في منطقتنا مثل الانفلونزا، منتشر بشكل مخيف”.

يقول كريم: “لم يزورنا أي مسؤول عراقي من قبل، على الرغم من أننا نعيش في أخطر المناطق الملوثة بسبب النفط في العالم، على الجهات الحكومية تعويضنا عن الضرر الصحي والنفسي الذي لحق بنا، لكن للأسف، دائمًا أصواتنا غير مسموعة من قبلهم. أن منطقة نهران عمر التي أعيش فيها أنا وعائلتي هي منطقة منكوبة ولا تصلح للعيش لكن ليس لدينا أي خيارات أخرى للتنقل من منزلنا هذا بسبب غلاء أسعار المنازل في المناطق الأخرى.”

يمتلك العراق رابع أكبر احتياطات نفط في العالم، ويعد من البلدان الغنية، حيث بلغت ميزانية العراق لعام 2021 نحو 103 مليار دولار، بينما يصارع الشعب من أجل الحصول على حقوقه المحروم منها. فيما يواصل الفقر انتشاره في عموم مدن العراق نتيجة توزيع الثروات غير العادل، حيث تهيمن الأحزاب السياسية على ثروات البلاد منذ أن جاءوا إلى السلطة بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

شركات أجنبية متورطة

تعمل كثير من الشركات النفطية في جنوب العراق، ومنها مدينة البصرة، دونما الإعلان عن كميات حرق الغازات خلال عملية الإنتاج النفطي، فقد نشرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، فلمًا وثائقيًا، يتحدث عن الحقول النفطية في منطقة الرميلة، في محافظة البصرة، كشفت فيه أن شركة بريتيش بتروليوم BP ، العاملة في تلك المنطقة، ولم تعلن عن كمية حرق الغاز في الحقل النفطي، حيث تسببت هذه الانبعاثات أضرار جسيمة على صحة الإنسان في تلك المناطق والمحيطة بها بسبب صناعة النفط.

الفيلم كشف الستار عن تسجيل حالات إصابة بأمراض سرطانية، ومنها سرطان الدم في الأطفال، اللوكيميا، بسبب النشاط النفطي لشركة بريتش بتروليوم البريطانية، هذه الأمراض ترفض السلطات العراقية المتمثلة بوزارة النفط، ارجاع سببها إلى الغازات الصادرة خلال عمليات الإنتاج النفطي. وتسجل المناطق القريبة من مصادر إنتاج النفط، مثل حقل غرب القرنة، والرميلة، ونهران عمر، أعلى الإصابات.

التحقيق نفسه كشف عن أن الشركات النفط العملاقة، منها شركة بريتش بتروليوم وإيني وإكسون موبيل وشيفرون وشل ولا يتم الإعلان عن ملايين الأطنان من الانبعاثات الناتجة عن حرق “غاز الشعلة” الذي يرافق انتاج النفط فيها، حيث تصدر تلك الشعلات مواد كيميائية يحتمل ان تسبب السرطان لدى السكان الذين يعيشون بالقرب من حقول النفط. منذ سنوات عدة، لم تضع الحكومة العراقية خطة استراتيجية جادة لاستثمار الغاز المحروق واستخدامه كمصدر مهم للطاقة.

تهريب النفط غير الشرعي

أن تهريب النفط العراقي خارج الحدود ليس أمر جديد على الساحة، اذ قام تنظيم الدولة الإسلامية ابان احتلاله الموصل بتهريب النفط إلى سوريا، كما تتهم فصائل مسلحة قريبة من إيران قيامها بتهريب النفط الخام بعد تحرير المدينة من التنظيم، وذلك من أجل تمويل نفسها وبسط نفوذها في المناطق المحررة. وبين الحين والآخر، تكشف السلطات العراقية شبكات تهريب للنفط، حيث أحبط الأمن الوطني في محافظة البصرة (جنوب العراق) اكبر عملية تهريب للنفط، حيث تقوم هذه العصابة بثقب خطوط تصدير النفط الخام في حقل الزبير ونقله إلى طريق ترابي، ليتم تهريبه فيما بعد إلى دول الجوار أو إلى مناطق شمال العراق.

شبكة التهريب التي أعلنت السلطات العراقية اعتقالها تضم ضباطا برتب عالية وموظفين، حيث قامت هذه الشبكة بتهريب قرابة 50 صهريج نفط، بمعدل 75 مليون لتر شهريًا. وأن النفط الذي يتم سرقته من الأنابيب التي يتم ثقبها أو من خلال المستودعات الخاصة بالنفط الخام، وتهريبها إلى دول الجوار بتواطؤ مسؤولين في الجمارك ومشاركة رجال أمن فاسدين.

في مقابلة مع المحلل السياسي رعد هاشم، قال: “هناك عائدات مالية تعود إلى الأحزاب والميلشيات في العراق، حيث يعتبر الاقتصاد العراقي بطبيعته اقتصادي ريعي يعتمد على ما ينتجه من النفط ويصدرها للعالم، ولكن الشيء غير المعروف لدى الناس هو أن العراق لغاية فترة متأخرة ما بعد عام 2003، ما يقارب 10 أعوام العراق لا يمتلك عدّاد يحسب كمية النفط المصدرة للخارج، وكانت عمليات إرسال أو تصدير النفط إلى خارج البلاد تتم دون وجود عدّاد أو مقايس لقياس الكميات المصدرة يوميًا، مما فتح المجال أمام الفاسدين بالتلاعب في الفائض الفضائي أن صح التعبير، الفائض الذي يمكنه أن يضيع بين العدّاد (المقياس) وبين ما يهرب من قبل فصائل مسلحة وجماعات حزبية”.

ويضيف هاشم: “لم ينتفع المواطن العراقي اطلاقا من هذه الثروات نتيجة تصدير النفط المشبوهة بكثير من شبهات الفساد التي تذهب في جيوب الأحزاب وتمويل المافيات، وقد استفاد من هذه الثروات جماعات كبيرة في مدن مثل البصرة وكركوك، نتيجة التهريب خارج القانون أو خارج الرقابة الحكومية، كما ان هناك تماهي واضح من قبل جهات حكومية وتواطئ من قبل جماعات مسلحة متنفذة في الدولة، إضافة إلى ذلك، أن عدد كبير من المهربين محسوبين على العشائر العراقية، تلك العشائر التي التقت مصالحها مع مصالح الفاسدين والمنتفعين والمتحزبين، حيث شكّلت امبراطوريات منفردة متمثلة بالجماعات المسلحة وعشائر لها ارتباط مع تلك الجماعات، كما كوّنت امبراطوريات مجتمعة تتمثل بالأحزاب والجماعات التي تعمل خارج نطاق الدولة والقانون، حتى كبرت وأصبح لديها تتضخم وخزين مالي كبيرة.”

شبكة فساد أخطبوطيه.. من يحيمها؟

وبحسب هاشم، ان هناك استغلال اسم الحشد الشعبي واسم الفصائل المسلحة للهيمنة على موارد الدولة، كما هو الحال في السيطرة على الأرصفة للموانئ العراقية في البصر، حيث هناك تسريب كبير متعمد يستغله المافيات في تهريب النفط إلى إيران ودول أخرى عبر البحر، تحت مسميات وواجهات شتى، على الأرض تعود لمليشيات وعلى البواخر تعود لدول مارقة تبتعد عن السياقات القانونية في الاستيراد والتصدير وفق القانون.

وفي تقرير رسمي لمنظمة الشفافية الدولية، يحتل العراق مرتبة متأخرة في مؤشر الفساد لعام 2021، وهذا مؤشر خطير في تراجع مستوى الشفافية في مختلف قطاعات الدولة، في الوقت الذي يكافح فيه العراقيون للحصول على فرص عمل وحياة كريمة، وحقوق حرموا بها في بلدِهم الذي ينعم بالخيرات. وبين الحين والآخر، تصدر وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سياسيين عراقيين وأحزاب بسبب انتهاكها حقوق الأنسان وتورطها بملفات فساد كبرى، ورغم التلويح بالعقوبات، من أجل تقليل نسب الفساد في العراق، لم تنجح هذه المحاولات، ما يعني ان الفساد سيبقى طويلًا ينخر في جسد الدولة والبنية التحتية ويسيطر على مقدرات الشعب وثرواته.

“أن شبكات التهريب للنفط تحميها فصائل مسلحة وعشائر خارجة عن القانون توفر الحماية لهم لأنها منتفعة وترتبط مع مافيات مخدرات وتبادل مصالح، ولا يستعبد أن يكون لهذه الفصائل ارتباط وتخادم مع جهات إرهابية، هذه الشبكة الأخطبوطية للفساد تنشر السرقات والخراب والعيش على حساب ثروات الشعب، تمتص أموال الشعب بطرق ضالة لا يقبلها الشرع ولا القانون، وما دفع تلك الجهات الاستمرار بهذه التصرفات هو أنها وجدت تقصيرًا حكوميًا، او حتى تواطئ حكومي في مكافحة الفساد”، يقول هاشم.

ويضيف هاشم: “هناك محاولات وطنية من قبل بعض القيادات الأمنية النزيهة التي ليس لديها انتماء حزبي، أن تحد من عمليات الفساد ومحاربة السارقين للنفط، لكنه للأسف، تواجه هذه القيادات النزيهة عقوبات رادعة لإيقافهم عن محاربة الفساد، وربما يطالها النقل أو الطرد من الوظيفة، من قبل جماعات متنفذة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في مؤسسات الدولة، لذلك، بات رجال الأمن يخشون على حياتهم وحياة عوائلهم من مغبة الاستمرار في متابعة ملفات الفساد”.

محاصصة قاتلة.. وإرادة سياسية صفر.

بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أصبح مصطلح “المحاصصة الطائفية” متداولاً بين الأطراف السياسية التي حكمت العراق، فأصبح يتم تقسيم المناصب وفقًا إلى ذلك المصطلح بحسب المكونات والأطياف على أساس طائفي. وهذا النظام، لا يزال قائمًا حتى اليوم، ويعتقد العراقيون أن هذا النظام كان سببًا واضحًا في صنع مشكلات البلاد، ما تسبب في إضعاف قانون الدولة، بسبب أن عدد كبير من المؤسسات الرسمية تقع تحت سيطرة الأحزاب السياسية والفصائل خارج نطاق الدولة، وتنتشر المكاتب الاقتصادية للفصائل صاحبة السلاح، في مناطق عدة من البلاد، خصوصًا المناطق المحررة من قبل تنظيم داعش، تتحكم هذه الأحزاب في تقسيم المشاريع والمقاولات فيما بينها.

مرّ على العراق حكومات متعاقبة، ادعت كثيرًا أنها تحاول بسط سيطرتها على الفساد في البلاد، وشكّلت هيئات ومؤسسات كبرى لإنضاج قضية مطاردة الفساد لكن بدون جدوى، طالما نظام “المحاصصة” قائم مع وجود اللجان الاقتصادية التي لها سيطرة واستحواذ على الثروات والعقود. ومع غياب الإرادة السياسية لمحاسبة كبار الرؤوس الفاسدة في البلد، هذا يؤدي إلى أن تحقيق النزاهة والقضاء على الفساد أمر مستحيل.

يتحدث هاشم: “أن أي قضية تستهدف جهة متنفذة او مافيا سياسية في البلد، أما تغلق القضية بقوة النفوذ لتلك الجهة، أو بالرشاوى، حيث اعتاد الفاسدين على حسم وإنهاء أكبر قضايا الفساد من خلال دفع الرشاوى، لذلك عملية أحكام الفساد بطريقة نموذجية يجب أن تطبق على القاصي والداني، الصغير والكبير، وهذا امر مستبعد على الحكومة الحالية، لأن رؤوس الفساد هم جزء من الأحزاب المشاركة في السلطة، فمن المستحيل لهذه الحكومة معاقبة هؤلاء الفاسدين، والسبب أن الأمر يعود إلى قضية وجود الإرادة السياسية، والإرادة السياسية تتبع لهذه الجماعات المتسلطة على المغانم والوزارة ودوائر الدولة، خاصة تلك التي فيها ميزانيات ضخمة”.

VIAأزهر الربيعي