“داخل مبنى مستشفى الكرامة يتم الاتفاق، كان ياسر معاون طبي، أو ما يُكنّى بأبو مصطفى، يتحدث لي عن النساء اللاتي يلجأن له لإنقاذهن قُبيل زفافهن من تُهمة العذرية” يقول أحمد القيسي صيدلاني لـ “الخط الاحمر” أن “ياسر يعمل معاوناً طبياً في مستشفى الكرامة، يقود الفتيات إلى طبيب يعمل هو الآخر في المستشفى ليُجري عملية ترقيع غشاء البكارة المُنفض بطريقة احترافية قُبيل يوم أو اثنين من زفافهن”.

كان الدكتور بركات يجري هذه العملية في عيادته في منطقة الدورة، يقول القيسي أن “ياسر كان يقوم باستغلال بعضٍ من الفتيات جنسياً وأخريات يستغلهن مادياً مقابل اجراء هذه العملية”.

بعد أن سقطت عن الحصان ونتيجة لوقع الحادث، فُضّ غشاء بكارتها، اسراء 30 عاماً ضحية تهمة العذرية تروي حكايتها لـ”الخط الاحمر” قائلة ” رُفضتُ من الرجل الذي احببته، بعد أن قدمت له تقريراً طبياً يُثبت انفضاض غشاء بكارتي بسبب سقوطي عن صهوة الحصان، الأمر الذي دفعني للجوء للمدعو ابو مصطفى ليجري لي عملية ترقيع، ومن ثم تزوجت برجلٍ آخر”.

سراً في العراق تلجأ العديد من النساء لاجراء عمليات الترقيع، لا بهدف خداع من يتزوجوهم من الرجال، تقول اسراء “لا أحد يرغب بالخداع، المجتمع يضطرنا لذلك، وإن كنا ضحايا، لن يسامحنا احد وإن لم نرتكب ما يخالف قواعد المجتمع، فمن لا تمتلك غشاء بكارة أما ان تُركن من دون زواج خوفاً من فضيحة ما بعد الزواج وانكشاف امرها، أو تلجأ لهذه الحلول”.

بحسب مفوضية حقوق الانسان شهد عام 2020  تسجيل  مقتل أكثر من 75 %من الفتيات قتلن  أو قيل انهن انتحرن بتهمة الشرف، وقالت عضو مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي أن ” اغلب جرائم الشرف يُقال انها عمليات انتحار للنساء، فذوي المقتولات يبررون لانفسهم اسباب قتلهم لبناتهم، ويعتبرون ان البنت قد قامت بفعل مخل بالشرف وهي تستحق القتل لهذا حين يسائلون قانونيا يتفق الجميع على ان الفتاة انتحرت ولم تقتل للاسف”.

وتؤكد الحلفي أن “نسبة جرائم الشرف في الاقليم اكثر منها بكثير في الوسط والجنوب”.

القانون يُبرر

القتلُ غسلاً للعار، أودى بحياة ابتهال ذات الـ33 عاماً، على يد اخوها فيصل، في محافظة كربلاء إكتشف زوج ابتهال ليلة الزفاف انها ليست باكراً، تقول ام فيصل والدة ابتهال لـ”الخط الاحمر” ، “اذكر ان باب المنزل في تلك الليلة لم تتوقف عن الضرب، كان زوج ابتهال قد جاء بها في ملابس المنزل جاراً اياها من شعرها، تسبب بفضيحتها وفضيحتنا في المنطقة”.

لم يكن من فيصل سوى ان يطعن اخنه بالسكين حتى الموت، لم تطُل مدة سجن فيصل سوى عام واحد بحسب والدته التي قالت ” سُجن فيصل عاماً واحداً، وخرج بعد أن وكلّت له محامياً اثبت ان ما فعله فيصل غسلاً للعار، لم يكن بوسعي خسارة ابني وابنتي، كان ذلك الزواج لعنةً بالنسبة لنا”.

القانون العراقي يبرر لجرائم غسل العار يقول المحامي علي سلام لـ “الخط الاحمر” أن ” عقوبة قضايا الشرف بحسب  القانون العراقي ووفقا للمادة 409 من قانون العقوبات لا تتجاوز الثلاث سنوات لمرتكبيها؟ مؤكداًأن “هذه العقوبة للاسف تتيح للمجرم ارتكاب جريمته.”

طرق مختلفة للترقيع

يعمل ياسر معاوناً طبياً في مستشفى الكرامة، وهو وسيط ايضاً بين عدة اطبار وممرضات يقمن باجراء هذا النوع من العمليات، يتحدث ياسر او ما يُكنّى بابو مصطفى للخط الاحمر عن عمله هذا ويقول ” العديد من الفتيات تعرضن لحوادث تسببت لهن بفض غشاء بكارتهن وانا لست اكثر من وسيط لحل مشاكلهن”.

حالاتٌ كثيرة من النساء يقول ياسر أنهن ” يأتين قبيل ايام من الزفاف، ولأنهن يخشين انكشاف امرهن في ليلة الزفاف لذلك يلجأن للقيام بعمليات كهذه، وهنالك طريقتين لاجراء هذا النوع من العمليات”

طريقتان مختلفتان إحداهما سهلة الكشف، والثانية اكثر احترافاً لكنها اكثر ايلاماً كما يروي ياسر ويقول “أن العملية الاولى هي عبارة عن خيطٍ لحمي نقوم باشباكه وعقه في منطقة الغشاء المنفض، لكن هذه الطريقة سهلة الانكشاف، ويجب أن نقوم بوضع الخيط قبيل يومٍ على الاكثر من يوم الزفاف لأن الخيط قابل للذوبان والاتمزق، لهذا كلما كان وقت وضعه قريب من ساعات الزفاف كلما كان الامر افضل”.

الطريقة التي رواها ياسر بإمكانها أن تنطلي على الرجل الغير عارف بشؤون النساء يقول ياسر “أن هذه الطريقة من السهل ان يكشفها اي رجل، لكن الرجل غير الخبير في تفاصيل النساء لا يمكن ان يكشف هذه الطريقة”.

ويتحدث ياسر عن الطريقة الثانية لاجراء عملية غشاء البكارة ويقول “نسمي العملية الثانية بعملية قشور البصل، نحن نقتطع شريحة جلد من منطقة جدار العضو الانثوي حيث يكون موقع غشاء البكارة المفضوض، ومن ثم توضع هذه القطعة الرقيقة من الجلد لسد المنطقة كما كان موضع غشاء البكارة ونقوم بتخييطها بخيط لايتجاوز طوله الـ1 سم، وهذه عملية تتسبب بألم رهيب بعد أن تذهب تأثيرات البنج”.

الطريقة الثانية لترقيع النساء اكثر احترافية بحسب ياسر، يقول ” يجب ان تجرى هذه العملية قبل يومين من الزفاف، لأن قطعة الجلد الرقيقة المقتطعة ستتلف بمرور الوقت وتتلاشى، لهذا لا يجوز ان تمر اكثر من يومين على اجراء هذه العملية” 

الاختلاف بتسعيرات هذه العمليات تختلف بحسب الطريقة المتبعة يقول ياسر “أن طريقة الخيط تكلف بين 250 الف دينار عراقي و500 الف، وبحسب تخوفات الزبونة، اذا كانت الفتاة خائفة وقلقة يزداد سعر العملية أي نستغلها وبكل صراحة”.

وعن تكلفة الطريقة الثانية يقول ياسر “أن الطريقة الثانية تكلف مليون ونصف دينار عراقي لانها اكثر حرفة ومن الصعب اكتشافها”.

يعمل ياسر منذ اكثر من عشر سنوات كوسيط  بين الزبون والطبيب او الممرض الذي يجري العملية، ويعمل حاليا بين مجموعة من الممرضات رفض الكشف عن اسمائهن، بينما كان في السابق يعمل مع دكتور بركات وهو طبيب معه في مستشفى الكرامة.

عشوائيات 

في المناطق العشوائية من العاصمة، ترتفع نسبة اللاتي يجرين عمليات الترقيع من النساء، ام كاظم قابلة مأذونة 65 عاماً تعمل في منطقة المعامل احدى عشوائيات بغداد، تقول لـ”الخط الاحمر” أنا هنا منذ طفولتي، وما ان نضجت اصبحت اعمل قابلة مأذونة لاني حاصلة على شهادة تمريض، تمرّ علي الكثير من الفتيات من هذه المنطقة واللائي انزججن في علاقات غير شرعية ما جعلهن مضطرات لاجراء هذه العملية في سبيل الستر”.

بين ام كاظم والفتيات اللاتي يلجأن لها من مناطق اخرى هنالك وسيط مختلف، يدعى محسن العكيلي، تابع لاحدى الميليشيات المسلحة ويمتلك محسن منظمة مجتمع مدني، لكنه يعمل في احيانٍ كثيرة كوسيط بين نساء من الطبقة الراقية للمجيء الى ام كاظم واجراء هذه العمليات ويقول لـ”الخط الاحمر” أن ” اعداد النساء من المناطق الراقية في بغداد كزيونة والمنصور وحي الجامعة اللاتي يجرين هذه العمليات اكثر بكثير من المتواجدات في المناطق العشوائية”.

ويشير العكيلي “أن ام كاظم قادرة على اجراء هذه العملية بطريقة لا يشعر أحد أن البكارة عادت للمرأة بشكل مصنع، بل يعود الامر كما خلقها الله ومن الصعب جدا اكتشافه، لهذا فالعملية التي تجريها ام كاظم قد تصل الى مليوني دينار عراقي”.

وزارة الصحة تعمل بشكل دوري على مراقبة الاطباء سواء داخل المستشفيات او في عالناشطة انسام سلمان والممثلة عن شبكة نساء عراقيات تتحدث للـ”الخط الاحمر” عن هذه العمليات وتقول “للاسف أن المجتمع العراقي يدفع الآخرين للقيام بكل ما هو مخالف للقانون وهذا ما نجده اليوم من دفع النساء ودفع بعض الاطباء لاجراء عمليات مخالفة للشرع والقانون وتقحم النساء على الكذب والخداع وهي عمليات الترقيع”

وتؤكد سلمان قائلة “أن السبب لدفع النساء على القيام بهذه العمليات يعود إلى ان هذا المجتمع لايسامح ولا يغفر ولايحترم اعتذار المقابل وندمه على الفعل المسيء الذي ارتكبه”.ياداتهم الخاصة يقول سيف البدر المتحدث عن وزارة الصحة العراقية لـ”الخط الاحمر” أن ” الاجهزة الرقابية للوزارة اعتادت متابعة ومراقبة كوادرها وهي تعمل على فرض عقوبات صارمة على كل من يخالف القسم الطبي والانساني الذي يتعهد به الاطباء قبيل ممارسة مهنتهم”.

واكد البدر أن “هنالك تعاون بين وزارتي الداخلية والصحة لمحاربة مثل هذه العمليات، غير أننا لابد أن نشير الى ان اغلب النساء يضطررن للجوء الى مثل هذه العمليات بسبب جرائم غسل العار والواقع القبلي التي تعيشها شرائح كبيرة من المجتمع العراقي” .

وتقول أن “بحسب اخر احصائية للامم المتحدة أن اكثر من 50% من جرائم قتل النساء وانتحارهن هي بالاساس جرائم شرف وهذه الاحصائية خاصة بعام 2020”.

بعد عام 2003 انتشرت جرائم الشرف بشكل كبير في العراق، وقد تصاعدت هذه الجرائم في السنوات الخمس الاخيرة، وهي التي تدفع اغلب الفتيات لاجراء عمليات الترقيع لاعادة اغشية البكارة التي تفض في علاقات غير شرعية، والتي تمثل رمز العذرية والشرف والعفة لدى الفتاة بالنسبة للمجتمع العراقي، في الوقت الذي تكون هنالك انواعٌ مختلفة من اغشية البكارة، والتي لاتفض احياناً بالاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة بل تحتاج الى عمليات جراحية لفضها، وتجيء اغلب جرائم الشرف عن جهلٍ للافراد بانواع اغشية البكارة وكيفية فضها، ما يؤدي احيانا الى استعجال ذوي الفتاة وقتلها او معاقبها، فيما يمنح القانون العراقي مبرراً لمن يقتل بدافع جريمة الشرف فعقوبة هذه الجريمة لاتقل عن ثلاث اشهر ولاتزيد عن ثلاث سنوات.

VIAشفق عبد الاله