منذ تشكيل نظام الحكم في عراق ما بعد الغزو الأمريكي في العام 2003 تحول اقتصاد البلاد إلى خليط من نظام السوق المفتوح وبقية من النظام الاشتراكي السابق.

كما سادت البلاد حالة من انعدام السيطرة على الاقتصاد بسبب هيمنة القوى الحاكمة الباحثة عن مصادر التمويل والمدعومة من محاور إقليمية ودولية. 

وعملت القوى السياسية، والتي تمتلك أجنحة عسكرية (فرضت سيطرتها على نواحي الحياة المختلفة) على استغلال نفوذها لإصدار تشريعات وقوانين وإجراءات تدعم تمويلها. 

وتعاونت هذه القوى على إنهاك الاقتصاد من خلال عمليات التهريب التي طالت “العملات الصعبة” ناهيكَ عن اتهامات بتهريب الممنوعات والأدوية ومختلف أنواع البضائع.

مثلاً، كان البنك المركزي يبيع الدولار بسعر (1119 دينار عراقي) فيما سعره في محال الصيرفة يصل إلى (1220 دينار). الجهات المتنفّذة تقوم بشراء الدولار من المصرف، وتستفيد من فارق السعر في الأسواق.

وصرّحت لجنة النزاهة النيابية في بيان وزّع على وسائل الإعلام بأنّ “حجم الأموال المهربة خارج العراق تقدّر بـ (350) تريليون دينار عراقي”.

وقبل شهرين تقريباً، أعلنت حكومة بغداد تخفيض سعر صرف الدولار، حيث يتم بيع كل دولار مقابل (1450 دينار عراقي) بدلاً من السعر السابق (1190 دينار عراقي) لمواجهة أزمة سيولة نقدية غير مسبوقة، جاءت نتيجة لانخفاض أسعار النفط وتأثيرات جائحة (كوفيد 19).

وبرزت ظاهرة تهريب العملة من العراق واستشرت كثيراً منذ أن شرع البنك المركزي العراقي باعتماد مزاد بيع العملة الأجنبية.

وأصبح هناك مجال لشراء العملة بأسعار مناسبة قياساً إلى دول الجوار.

عضو مجلس النواب رياض المسعودي أكد وجود جهات سياسية متنفّذة عملت على تهريب العملة الصعبة خارج البلاد، عبر واجهات مصرفية وصفها بـ (الدكاكين).

وقال المسعودي في تصريح لـ (الخطّ الأحمر): إنّ “العراق يعاني من مشاكل بنوية موضوعية، ومشاكل خارجية تتمثل بالتدخلات الإقليمية والدولية بالشأن الداخلي”.

وأضاف، “يعتمد العراق على النفط بشكل كبير يصل (93%) من مدخولاته، بالتالي يرتبط ارتباطاً مباشراً بكمية النفط المصدّر ومبلغ بيع برميل النفط بعد استخراج الكلف التي تصل إلى (12 دولار أمريكي)”.

وقال المسعودي: إن “الأموال الحية الناتجة عن الاستثمار قليلة جداً، وجزء منها رغم قلتها تذهب إلى جيوب الفاسدين؛ بسبب التنافس السياسي غير الصحيح، والتدخلات الدولية والإقليمية وفساد الأفراد والجهات السياسية”.

وأشار إلى أن “البنك المركزي يقوم بعملية بيع العملة، وهي تسمية خاطئة فالصحيح هو شراء الدينار العراقي لتسليم هذه المبالغ عبر ما يُعرف بالمزاد”. 

وقال: إن “الأرباح التي تمّ تحقيقها من خلال هذا المزاد، كانت كبيرة، مما أدى إلى سيل لُعاب الكثير من الشخصيات السياسية وغيرهم، الذين بدأوا يأسسون لمصارف داخل العراق وصل عددها لأكثر من (75 مصرفاً)”.

وأضاف بأن “ما حدث أن هناك تنافساً غير طبيعي على شراء الدولار وتهريب مبالغ كبيرة وصلت إلى أكثر من (350 مليار دولار) أي تمثل (28%) من المبالغ التي تُباع في البنك المركزي تم تهريبها إلى خارج العراق لدول مثل (تركيا وإيران ولبنان والأردن والإمارات ومصر وبعض الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية)، وهذا واضح جداً من خلال ضمانات استيرادية غير صحيحة”.

وأكد المسعودي بأن “هذا التهريب للعملة أدى إلى ثراء فاحش لدى بعض الأفراد والأحزاب والشخصيات السياسية، وبالتالي استمرّت عملية نزيف الدولار الأمريكي من الأرصدة العراقية بشكل واضح منذ عام 2003”.

وأشار إلى أن “الأموال المتحصلة من هذه المزادات، تموّل دولاً وجماعات (لم يسمّها)”.

مليشيات تستعرض عسكرياً لتغطية فسادها

حاولت (الخط الأحمر) استقصاء أعداد المصارف الأهلية التابعة للجهات السياسية المتنفّذة التي تمارس عملية تهريب العملة الصعبة، إلا أن مثل هذه المعلومات لا يتم التصريح عنها ورفضها رفضاً تاماً.

كما أن هذه المصارف لا يتم تسجيلها بأسماء رؤساء الأحزاب أو أصحابها الرسميين، وإنما بأسماء أشخاص آخرين للتغطية على عمليات الفساد، وما يتم هو تغطية عملها والضغط على الجهات الرقابية بعدم المساس بها.

إلا أن (الخط الأحمر) استعلمت عن وجود (تسعة مصارف أهلية) تديرها جهات عراقية متنفذة تعود بالأساس لإيران، تمارس عملية تهريب العملة.

في المقابل، وما يؤكّد وجود تورّط أحزاب ومليشيات (فصائل تابعة لإيران) بعملية تهريب العملة، ما حدث من استعراض عسكري قامت به مليشيا تُدعى (ربع الله) بتاريخ (25 آذار 2021) في بغداد، لتهديد رئيس الحكومة وردعه عن كشف الجهات المتورّطة بعمليات تهريب العملة.

هذه المليشيات التي تعتبر ذراعاً عسكرياً لمليشيا أكبر هي (حزب الله) المنطوية تحت هيأة الحشد الشعبي، سبقت خطوات الفريق أحمد أبو رغيف وكيل الاستخبارات في وزارة الداخلية والمكلّف بـ (لجنة مكافحة الفساد) الذي اقترب من اعتقال (12 شخصية) متنفذة متهمة بعمليات اغتيال وتهريب العملة.

ما قامت به المليشيات، هو استعراض يحمل مطالب غير دقيقة، من قبيل المطالبة بتخفيض سعر صرف الدولار، وإقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021. 

إلا أنّ الحركة بأكملها جاءت لتهديد رئيس الحكومة بعدم الكشف عن الأسماء واعتقالهم، كما صرّح بذلك لـ (الخط الأحمر) ضابط استخبارات فضّل عدم الكشف عن اسمه.

هذا التهديد نجح فعلياً، حيث لم يتم تنفيذ أي عملية اعتقال بحق الرؤوس الكبار المتورطين بعمليات تهريب العملة وغسيل الأموال.

وحتى وإن نجحت هذه المطالبات المدجّجة بـ (السلاح المنفلت) بتخفيض سعر صرف الدولار، فإن المستفيدة في النهاية هي إيران.

وأوضح أحد الخبراء الاقتصاديين (فضّل عدم الكشف عن اسمه) بأن “تخفيض سعر الصرف لا يخدم العراقيين بقدر ما أنه يخدم دول الجوار ومنها إيران”.

وأضاف بأن “عمليات بيع العملة في المزادات من الدولار ستعود إلى (200 مليون دولار) في اليوم كما كان يحدث سابقاً”.

وأضاف بأن “إيران أعطت الإشارة الخضراء لميليشياتها في العراق, باستعراض عسكري يطالبون فيه بخفض سعر الدولار, ليس حبا بالمواطن العراقي, لكن حبا بإيران, لأن مصالحها قد تضرّرت”.

كما وأشار الكاتب والمدوّن العراقي صالح الحمداني، في تدوينة سابقة نشرها على صفحته في (فيس بوك) بأنه “رغم الانهيار الاقتصادي اللي يعانيه العراق حالياً, وعجز الحكومة عن توفير المال اللازم لدفع لرواتب, الا أن  تهريب العملة الصعبة لا زال قائماً على قدم وساق.. لا قرار يصدّه ولا مركز حدودي يردّه”.

المصارف الأهلية وتهريب العملات

عزا اقتصاديون وخبراء قانونيون وتجار وأصحاب محال صيرفة، الأزمة الاقتصادية في العراق الى “تهريب العملة من البلاد. 

وبات واضحاً أنه يتم من خلال جهات متنفذة سياسياً ساهمت بافتتاح مصارف أهلية عملت على تهريب العملة. 

وبحسب المشاور القانوني محمد عنوز فإن “عمليات التهريب التهمت مبالغ طائلة وانهكت بشكل ملموس الاقتصاد العراقي بحكم ما نتج عن ذلك من مشاريع وهمية ومتلكَئة”.

وأوضح عنوز لـ (الخط الأحمر) أن “النفط مصدر الايرادات المالية للعراق، حيث يحصل على نسبة (90%) من هذه المبيعات على الدولار وهو ملك للشعب العراقي”. 

هناك طرق مباشرة لتهريب العملة تتمثل بنقل المال بالحقائب، كالقضية المعروفة لوزير الدفاع في أول وزارة بعد 2003.

وأشار عنوز إلى أن “الطرق غير المباشرة تتم عبر الاستحواذ على المال العام واختلاسه عبر المشاريع والصفقات المشبوهة التي لا تعبر عن الكلفة الحقيقية”.

وأضاف، “تم استيراد أسلحة خردة مصرية، بسعر (3500) دولار للقطعة الواحدة، فيما سعرها الحقيقي الذي تم دفعه هو (200) دولار فقط، وهذه الصفقات جرى الحديث عنها مراراً”. 

وأكد بأن “غياب الرقابة ونهج المحاسبة بحكم التوافق التحاصصي لم يتخذ أي إجراء بهذا الشأن”.

كثرة المصارف الأهلية تؤشر بكل وضوح مهام تلك المصارف والتي تقوم بتهريب العملة بعد أن تستحصل عليها من مزادات العملة إلى دول عدة مثل (لبنان، والأردن، والإمارات، وإيران وتركيا وغيرها). 

ووصف عنوز إياها بـ “لعبة نتائجها الضارة تقع على عاتق المواطن، عبير بيع الدولار بـ (1190) دينار عراقي مقابل الدولار الواحد، إلى أن وصل إلى سعر (1450) دينار عراقي لكل دولار”. 

وبيّن أن “المستفيد من هذا الفرق بين سعر البنك وسعر السوق هم أصحاب النفوذ، فالبنك كان يبيع بالمزاد ما بين (150 مليون دولار و200 مليون دولار)”.

عنوز وصف الوضع العراقي في ظل هذه السياسة بـ “الأمر الخطير جدا، فالمؤسسات الحكومية المسؤولة عن إدارة المال العام، كالبنك المركزي ووزارة المالية والجهات الرقابية لا توجد لديهم وحدة عمل وتنسيق فيما بينها”.

قوة القانون هي الحل

المحامي محمد عبد الأمير أشار إلى حتمية معالجة الأمر من جذوره “يكمن في تطبيق قانون الكمارك العراقي، النافذ حالياً رقم (23 لسنة 1984)”. 

وتشير المادة (194) من القانون (أولاً: مع عدم الاخلال بأية عقوبة اشد تقضي بها القوانين النافذة يعاقب عن التهريب وما في حكمه وعلى الشروع في أي منهما بما يأتي:

أ- السجن المؤبّد أو المؤقت، وتكون العقوبة الإعدام إذا كان التهريب واقعاً على لقىً آثارية أو بحجم كبير يلحق ضرراً فادحاً ومخرّباً بالاقتصاد الوطني. 

ب‌- غرامة كمركية، تكون بمثابة تعويض مدني لإدارة الكمارك، وفق أي من النسب الآتية:

1- (6 أمثال) القيمة عن البضائع الممنوعة المعينة.

 2- (3 أمثال) القيمة والرسوم معاً عن البضائع الممنوعة أو الموقوفة أو المحصورة.

3- (4 أمثال) الرسوم عن البضائع الخاضعة للرسوم، إذا لم تكن ممنوعة أو موقوفة أو محصورة على أن لا تقل عن قيمتها.

 4- (25 %) من قيمة البضائع غير الخاضعة للرسوم والتي لا تكون ممنوعة أو موقوفة أو محصورة.

ج – مصادرة البضائع موضوع جريمة التهريب، أو الحكم بما يعادل قيمتها عند عدم حجزها.

ولفت عبد الأمير “لا نجد التزاماً بالنصوص من قبل الجهات المختصة”.

فيما أشارت الكاتبة والمدوّنة هيام الخزاعي عبر تدوينة لها على (تويتر) إلى بأن “أول خطوة لمحاربة الفساد هي إيقاف مزاد العملة وتهريب النفط، والسيطرة على الموانئ (الشمالية والجنوبية)”.

مزاد العملة وسعر السوق

يبيع البنك المركزي في مزاد يومي ملايين الدولارات أسبوعياً بالسعر الرسمي لمجموعة من الشركات التي ترتبط بجهات سياسية.

وبحساب بسيط للفرق بين هذا السعر ومثيله في السوق نجد أن هذه الجهات تحصل على أرباح طائلة وفي نفس الوقت تحصل على وسيلة قانونية لإخراج العملة من البلاد.

ويشير حيدر حمود الحسيني، رئيس غرفة تجارة النجف (161 كم عن بغداد) إلى أنه “في العام الماضي وحسب بيانات البنك المركزي العراقي، تمّ بيع (44 مليار دولار) بمزاد العملة في البنك المركزي العراقي، لاستيراد السلع للسوق العراقية، ومن أجل تثبيت سعر العملة العراقية ومنعا للتضخم”. 

ويردف قائلاً لـ (الخط الأحمر): “فيما كان حجم الاستيراد وفق قوائم معلنة صحيحة كانت أو غير صحيحة بلغت (18 مليار دولار)”. 

ويتساءل الحسيني: “أين ذهبت الـ (26 مليار) الأخرى؟، حتما انها تَسربت إلى خارج العراق بحسابات الفاسدين المتنفذين”.

وقال الحسيني أن “مزاد العملة بشكله الحالي يخدم مصارف كثيرة تابعة لجهات مؤثرة ويعطيها أرباحاً مهمة تستطيع معها مواجهة انقطاع التمويل عنها، خصوصاً وأن فروقات البيع كبيرة بين البنك والمصارف”. 

وأوضح أن سبب ذلك يعود “لفقدان الاستقرار الأمني والسياسي الذي أدى ويؤدي إلى تسرب الأموال”.

وكشف الحسيني عن “وجود (10) منافذ غير رسمية شمالي البلاد، تدخل عبرها أغلب المواد المهربة المنافسة للصناعة العراقية وغير الخاضعة لمعايير الجودة”. 

وبين أن “هذه البضائع تسبّبت بإغلاق أغلب المصانع العراقية، ورمي آلاف العاملين فيها الى الساحة التي هيّ أصلاً مليئة بالبطالة بكافة أنواعها”.

صاحب محل صيرفة في السوق الكبير في النجف، وهو من أهم الأسواق التجارية بالعراق، فضل عدم ذكر اسمه قال: إن “جميع شركات الصيرفة ترتبط بعدد معروف من المصارف لا تتجاوز الـ (40) مصرفاً، تابعة لحيتان الأحزاب ولسياسيها، فلكل منهم أكثر من مصرف”. 

واستدرك بالقول: “كلها بدون استثناء، ومن خلال مبيعات البنك المعلنة، تتم فيها غسيل الاموال، حيث يبيع البنك المركزي كل الكميات حصراً لهذه المصارف وبالسعر الرسمي”. 

وبين أنه “بموجب هذه الآلية يكون للداخل العراقي الشيء اليسير من الدولار والكمية الأكبر للحيتان الذين يزودون المركزي بفواتير ليس لها أساس و غير صحيحة، على أساس انهم يستوردون مختلف البضائع التي يحتاجها العراق بفواتير”. 

وزاد بالقول: ” البنك المركزي يعلم بعدم صحتها ويغضّ الطرف عن عدم صحتها. باستطاعة أي شخص الحصول عليها من سوق مريدي (سوق شعبي يقع شرقي بغداد)”.

وتابع حديثه، أن “قرار رفع سعر العملة مقابل الدينار العراقي قرار غير مدروس ويخلو من الإنسانية و المروءة؛ لأنه يضر بشكل مباشر بالفقراء”. الذين تصل نسبتهم إلى أكثر من (40%) حسب المنظمات الدولية. 

وأعلن وزير التخطيط خالد بتال في (19 كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي 2020) عن تخفيض سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، ليصل إلى (1450 ديناراً) للدولار الواحد.

تهريب العملة وتدهور الإنتاج المحلي

من جهته، أشار علي العذاري، المدير المفوض لشركة دواجن البحراني (قطاع خاص) في مدينة النجف، إلى أن “تخفيض سعر الدينار العراقي أمام الدولار وتهريب العملة أثّر بشكل مباشر (100%) على الإنتاج المحلي للقطاع الخاص”. 

وأشار إلى “تهريب المواد الصناعية والغذائية من الدول المجاورة لوفرة الإنتاج المحلي لديهم وتوفر مقوماته بها، مما أدى إلى غلق أغلب مشاريع القطاع الخاص في العراق”.  

وعزا العذاري سبب ذلك إلى أن “السياسيين يتبعون دول الجوار، وهم (ذيول) لها، ويتبعون سياستهم وما ينفعهم، وليس ما يخدم مصالح الشعب العراقي وانتاجه الوطني”، على حد قوله.

وأشار إلى أن “التهريب أضرّ بمجمل عملنا، فخلال عامين تم غلق كل معامل الدواجن والأعلاف وبحيرات الأسماك، ولم يبقَ في محافظات الوسط والجنوب في عام (2013) سوى شركتنا وشركتي (حديثة)  و(صفا)”. 

وكشف العذاري بأن “العراق كان يحتوي قبل عام (2003) حوالي (1700) مصنع نسيج، و (10000) ألف حقل دواجن، و(300) مجزرة لحوم عملاقة، وغيرها من المصانع والشركات التي تقوم بتشغيل مئات الآلاف من العراقيين”. 

وأضاف، “فقط قطاع الدواجن كان يشتغل به نحو (مليون و750 ألف) عراقي، أضحوا غالبهم عالة على المجتمع بعد أن تم غلق حقولهم والشركات التي يعملون بها”. 

العذاري أوضح أن “السبب يعد لسياسيينا غير الحريصين على بلدهم وعلى اقتصادهم، والذين أفسحوا المجال بتهريب العملة إلى الخارج، أو استيراد بـ (العملة الصعبة) مواد غذائية وغيرها يمكن إنتاجها محلياً”.

ما خلصنا إليه، هو أن عمليات تهريب العملة أصبحت ظاهرة مستفحلة يصعب السيطرة عليها كما يبدو، مع وجود ما يسميه العراقيون بـ (الدولة العميقة) من المليشيات والجهات المتنفذة التي تخدم مصالح دول خارجية، كما أن العراق يتم سرقته بطريقتين (معلنة وغير معلنة) فالأولى تتم عبر استنزاف الموارد الطبيعية وتهريب العملة، والثانية عبر الموازنة المالية التي تذهب بدون عائد موازي لقيمتها إلى إقليم كردستان وبعلم من الحكومة ونوابها.

ويبقى الوضع في العراق، بانتظار إصلاحات جذرية تقودها دولة مؤسسات برقابة شعبية لا تسمح لكل من هبّ ودب بأن يصبح ثريّاً على حساب أصحاب الحق من أبناء بلد رزخ تحت حكم شمولي لثلاثة عقود أزاحها احتلال وعد بتحقيق الرخاء والازدهار الذي لم يتحقّق منه أدنى ما يأمله العراقيون.

VIA عبد الكريم صالح

علي الجبوري