الادارة الامريكية قلقة بسبب خلافات اكبر حزبين في إقليم كوردستان 

الخلافات السياسية المتصاعدة بين الحزبين الرئيسيين”الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني” تهدد الكيان الدستوري لإقليم كردستان، وسط مساعٍ دولية وداخلية لرأب الصدع  حالت دون وقوع صدامات بين الحزبين اللذين يمتلكان فصائل عسكرية، مع انعدام الثقة يبوح به ملا بختيار أحد أشهر قادة الاتحاد الوطني الكردستاني بالقول إن الحزبين فقدا

الحزبان الحاكمان “الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني”  يتقاسمانِ السلطة منذ الانتفاضة الشعبية ضد حكومة الرئيس الراحل أو “المخلوع “صدام حسين عام 1991م.الثقة ببعضهما البعض.

ثمة دلالات وتحليلات أكثر عمقاً بشأن الخلافات بين الحزبين إذ تشير إلى أنها تمتد لستة عقود متواصلة و هي تتغذى و تنبع تحديداً من خلافات بين الشخصيتين، هما ملا مصطفى بارزاني وإبراهيم أحمد والد هيرو، إذ قسما الديمقراطي الكردستاني إلى قسمين عام 1964، بسبب خلافاتهما، وتسبب هذا القرار منذ ذلك الحين بانقسام تاريخي وأيديولوجي وجغرافي، وحتى لغوي.

وفي ظلّ تنامي الصراعات بين الحزبين الحاكمين، تزداد مخاوف وقلق سكان إقليم كردستان من نشوب نزاعات مسلحة، على غرار الاقتتال الداخلي في التسعينات من القرن الماضي اذ انشطر الإقليم إلى إدارتين منفصلتين في عام 1996م، لتلتحم الإدراتان في عام 2005  تحت مظلمة حكومة كردية موحدة، ليوقِّع الطرفان عام 2007 اتفاقاً استراتيجياً واضعَين بذلك حداً للخلافات والصراعات بينهما.

المشكلات الرئيسة تتعلق بتوزيع السلطات و تقاسم عائدات النفط والإيرادات المالية والجمركية، مروراً بالأموال المخصصة للتنمية في أربيل والسليمانية، وصولاً إلى دور التشكيلات الأمنية وحدودها.

تشهد العلاقات بين الحزبين الحاكمين “الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني” تفاقماً وتوترات وصلت إلى حدّ  مقاطعة الفريق الوزاري للاتحاد الوطني من مجلس الوزراء في حكومة إقليم كردستان، وبلغت الخلافات ذروتها  بين الطرفين عقب اغتيال الضابط الأمني “هاوكار الجاف” في 7 من أكتوبر الماضي بمدينة أربيل جراء انفجار عبوتين لاصقتين بسيارته الشخصية، أسفرت الحادثة عن مقتله في الحال وإصابة أربعة من أفراد أسرته بينهم طفلاه الصغيران.

من هو هاوكار الجاف؟

هاوكار الجاف كان رجلاً استخبارياً وضابطاً برتبة عقيد في مؤسسة جهاز الأمن والمعلومات التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، ومقرباً من الرئيس المشترك سابقاً لاهور شيخ جنكي، وبعد أحداث الثامن من تموز 2021 تخلى عن منصبه في الاتحاد الوطني رغم محاولات من مسؤولين مقربين من رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني لاقناعه بمزاولة مهامه الأمنية الا أنه رفض العودة إلى جهاز مكافحة الإرهاب ومؤسسة الأمن والمعلومات،  بل أنه قد أعلن انحيازه للشيخ جنكي عبر منشوراته باللغتين “الإنجليزية والعربية” على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك ، توتير”هاوكار الجاف كان رجلاً استخبارياً وضابطاً برتبة عقيد في مؤسسة جهاز الأمن والمعلومات التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، ومقرباً من الرئيس المشترك سابقاً لاهور شيخ جنكي، وبعد أحداث الثامن من تموز 2021 تخلى عن منصبه في الاتحاد الوطني رغم محاولات من مسؤولين مقربين من رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني لاقناعه بمزاولة مهامه الأمنية الا أنه رفض العودة إلى جهاز مكافحة الإرهاب ومؤسسة الأمن والمعلومات،  بل أنه قد أعلن انحيازه للشيخ .جنكي عبر منشوراته باللغتين “الإنجليزية والعربية” على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك ، توتير

منذ حادثة اغتيال العقيد هاوكار الجاف دبَّت خلافات حادة بين الحزبين الحاكمين لتزداد أكثر تعقيداً، بعد ان اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني قادة أمنيين كباراً في الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية اغتيال الجاف، إذ نشرت وسائل الإعلام التابعة للحزب اعترافات لماوصفتهم تلك الوسائل بمنفذي عملية اغتيال هاوكار الجاف، والذي زاد من احتقان وغضب الاتحاد الوطني الكردستاني.

الامر الذي دفع بالاتحاد الوطني إلى نفي تلك الوثائق والاعترافات للمتهمين في القضية ووصف بافل طالباني رئيس الاتحاد الوطني في لقاء تلفزيوني في 15 من نوفمبر الماضي،  الاتهامات بالملفقة وسيناريو الأفلام الهندية حرفياً، مشيرا إلى أن الهدف من تلفيق هذه التهم ممارسة الضغوط على الاتحاد الوطني لتنفيذ أجندات خاصة للحزب الديمقراطي تتعلق بتصدير الثروات الطبيعية والغاز في السليمانية التي تخضع لسيطرة الاتحاد الوطني، و تابع بافل طالباني حديثه بالقول، إنه لايمكن إجراء محاكمات عبر القنوات والتلفاز ومن ثم إصدار الحكم على أشخاص!، كما شدد بافل طالباني على ضرورة إجراء تحقيق شامل في الحادثة وفي أكثر من مناسبة أكد بافل طالباني أن حزبه لن يؤيد السياسة غير الصائبة التي تتبعها حكومة الإقليم التي تحتكر السلطة وتقوم بالتمييز بين المناطق وتعرّض حياة المواطنين للمخاطر، ولفت أيضاً إلى أن أعضاء الاتحاد الوطني والأطراف الكردية الأخرى في الإقليم يواجهون تلك السياسة وسيتخذون حيالها القرارات المناسبة.

وصعّد بافل طالباني من لهجته قائلاً حكومة إقليم كردستان تعاقب منطقة السليمانية وإدارتها، ولا تسدد رواتب المواطنين، ولن تسمح حتى لنائب رئيس الوزراء بالقيام بما تقتضيه وظيفته.

وبخصوص مقاطعة الفريق الحكومي لمجلس الوزراء في حكومة الإقليم ذكرت مصادر رفيعة في الحزب الديمقراطي أن تلك المقاطعة أنما تهدف إلى خلط الأوراق ومحاولة للتغطية والتستر على حادثة اغتيال العقيد هاوكار الجاف، مضيفة أن قضية اغتيال الجاف بيد القضاء، ولا علاقة للحكومة بالأمر، ومن لديه مشكلة في هذا الأمر فعليه أن يسلك السبل القانونية.

الاتحاد الوطني الكردستاني هو أحد الأحزاب السياسية العلمانية الليبرالية التي تأسست في منتصف السبعينيات بقيادة جلال طالباني “مام جلال، عم جلال” ومجموعة من رفاقه عى رأسهم نوشيروان مصطفى وحملت شعار حق تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الانسان للشعب الكردي في العراق، زعيم الحزب هو بافل طالباني ونائبا الرئيس هما كوسرت رسول علي وبرهم صالح.

المناطق حسب الألوان

يسيطر الاتحاد الوطني الكردستاني على السليمانية كبرى مدن إقليم كردستان ومدينة حلبجة بالإضافة إلى منطقتي كرميان ورابرين المستقلتين في شمال شرقي العراق تسمى تلك المناطق “المنطقة الخضراء” تيمنا باللون الحزبي للاتحاد الوطني، أما المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني هي مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان لتمتد إلى دهوك شمالاً ومناطق في محافظة نينوى شمالي العراق تسمى “المنطقة الصفراء” تيمنا باللون الحزبي للديمقراطي الكردستاني.

الحزب الديمقراطي الكردستاني،  حزب قومي ليبرالي وأحد الأحزاب الكردية الرئيسية في العراق، تأسس الحزب في 16 آب عام 1946 بقيادة ملا مصطفى بارزاني، خلّف بارزاني الأب في رئاسة الحزب عام 1979 نجله مسعود بارزاني الذي يترأس الحزب إلى الآن، شعاره الرئيس كان الحكم الذاتي لأكراد العراق والديمقراطية للعراق ليتحول قبل عام 2016 إلى الاستقلال واقامة دولة كردية.

في 5 من ديسمبر الحالي وخلال مقابلة مع إحدى القنوات المقربة من حزبه أكد هيمن هورامي، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، أن أشخاصاً من الاتحاد الوطني يحاولون تضليل الرأي العام والتغطية على القضية الإرهابية التي راح ضحيتها هاوكار جاف من خلال الحملات الإعلامية المضللة، معتبراً أن قضية اغتيال هاوكار جاف عملية إرهابية كبيرة وقعت في أربيل التي تحتضن 38 بعثة دولية ودبلوماسية فضلاً عن تواجد مئات الشركات الأستثمارية الأجنبية، لذلك لا يمكن التغاضي عن القضية لاسيما وأن هناك تحقيقات موثوقة بمقاطع فيديو واعترافات لمنفذي العملية بحسب قوله.

وأشار هورامي إلى أن القضية كانت بداية للخلافات والتوتر القائم بين الحزبين، متهما أعضاءً من الاتحاد الوطني بوضع عقبات وعراقيل أمام حكومة إقليم كردستان، لافتاً إلى أن الإصلاحات التي أجرتها حكومة مسرور بارزاني حافظت على الكيان الدستوري لإقليم كردستان.

وأكد هورامي أنه ينبغي أن تسلك القضية مسارها القانوني لتتخذ السلطات القضائية إجراءاتها المطلوبة وفقاً للقانون دون العمل على خلط الأوراق في القضية، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ الحزب الديمقراطي الكردستاني بأنه في حال نشر الاعترافات بخصوص قضية اغتيال هاوكار جاف فستندلع حروب داخلية.

فيما يتعلق بتقاسم السلطة وتوزيع المناصب أكد هورامي أن الحزبين شريكان رئيسيان وأن هناك اتفاقاً بينهما بخصوص توزيع المناصب الإدارية والحكومية على أساس الأصوات ومبدأ الاستحقاق الانتخابي والمقاعد البرلمانية لأي طرف، وبحسب الاتفاق المشترك فإن الاتحاد الوطني الكردستاني قد حصل على أكثر من استحقاقاته الانتخابية.

كما أشار إلى أن قرارات حكومة إقليم كردستان لم يتم تنفيذها في المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني.

وبخصوص الإيرادات المالية والعائدات الجمركية والنفطية أشار هورامي إلى أن حكومة الإقليم كانت قد طرحت فكرة تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين وزارتي الداخلية والبيشمركة، على أن تكون تحت إمرة نائب رئيس مجلس الوزراء قوباد طالباني، لكن طرفاً في الاتحاد الوطني أبلغ الفريق الحكومي بأنه لا يمكن إرسال هذه القوة إلى المنافذ ضمن حدود السليمانية، وخلافاً لذلك فستؤدي تلك الخطوة إلى اندلاع حرب داخلية.

وصلت الأمور في الإقليم إلى حد أن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من الصراعات والخلافات القائمة بين الحزبين الحاكمين.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي، دون ذكر اسمه، قوله إن الادارة الأميركية قلقة من التطورات الأخيرة بين الحزبين الرئيسيين، مؤكداً أن واشنطن تدعم التعاون والتنسيق المشترك بين الحزبين لحل المشكلات الأساسية بينهما بشكل يصب في مصلحتهما ومصلحة الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بالاتهامات التي يوجّهها الحزب الديمقراطي إلى الاتحاد الوطني بخصوص إيواء الاتحاد عدداً من المتورطين في مسألة اغتيال الضابط هاوكار جاف أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني عباس صحبت في تصريح حصري للخط الأحمر أن حزبه دحض كل تلك الادعاءات وفنّدها تفنيداً مطلقاً، وأن الحزب الديمقراطي يحاول من خلال القضية ممارسة الضغط على الاتحاد الوطني الذي منع تصدير الغاز من إقليم كردستان إلى تركيا على شاكلة النفط الذي يشوبه الكثير من الفساد، لذلك فإن الاتحاد الوطني يدفع ضريبة التزامه بالمبادئ والأسس الصحيحة لإدارة موارد الإقليم، لأننا لا نشهد ذلك من قبل حكومة الإقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني، ومن ثم هناك العديد من الملفات التي يجب التعاطي معها بجدية والتي طرحها رئيس الاتحاد الوطني من خلال لقاءات عدة، وعلى رأسها استحقاقات حكومة الإقليم لدى الحكومة المركزية ومسألة المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى الإيرادات المالية وآلية توزعيها بين محافظات الإقليم.

وتابع صحبت هناك أيضا مطلوبون قضائياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي الذي لم يكتفِ بإيوائهم فحسب بل شكّل لهم قوات عسكرية رغم أنهم متهمون بجرائم قتل واغتيالات، والآن هم أحرار في أربيل، ونحن ندعو إلى أن تأخذ مسألة اغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف مجراها القانوني دون الإملاءات السياسية لأغراض ممارسة الضغط على طرف أو آخر؛ الاتحاد الوطني يأمل من الحزب الديمقراطي فتح صفحة جديدة لدرء المخاطر التي تهدد إقليم كردستان.

وتشير وثيقة مسربة من وزارة البيشمركة تداولتها مواقع خبرية كوردية إلى أن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن وجه في التاسع عشر من الشهر الجاري رسالة تحذيرية إلى قيادات الحزبين الرئيسيين مفادها أن الولايات المتحدة ودول التحالف ستوقف مساعداتها العسكرية والمالية لوزارة البيشمركة في حال عدم معالجة الأوضاع المتأزمة بينهما.